أراد الاحتلال أن يحرق قلب القائد المجاهد إسماعيل هنية بفعلتهم الجبانة، فخلال زيارة عيد الفطر اغتالوا ثلاثة من أبنائه واثنين من أحفاده، لكنه حرق قلوبهم اللئيمة وحطم نفوسهم المهزومة بموقفه العظيم وإيمانه العميق أثناء تلقيه الخبر.
إسماعيل هنية
تلقى أبو العبد الذي لم يفرق بين أبنائه وأحفاده وبين أبناء شعبه برجولة وإيمان ورباطة جأش تليق به وبموقعه، وأكمل زيارته للمعايدة على الجرحى في مستشفى بالدوحة بعد أن استودعهم ربه، وساوى مباشرة في هذه الساعة -التي لا يقع فيها التكلف أبدا- بين أبناء شعبه وأبنائه وأعلن أن دماءهم ليست أغلى من دماء بقية أبناء شعب غزة وفلسطين، وهو موقف الكبار العظام، وهي لطمة للعدو وإعلان لفشل مهمته في كسر شوكة المقاومة بإيلام قيادتها وعدوانه على أسرهم وبيوتهم وسياراتهم.
وعلى الرغم من ألم فقد الشهداء وألم الفراق الذي لا شك أن أبا العبد وأسرته الكريمة قد أصيبوا به وأصبنا به جميعا معهم، فمثل هذا المصاب ليس مصاب أسرة ولا مجرد مصاب شعب وإنما هو مصاب لكل من ينتمي حقا لهذه الأمة. لكن ما عرفناه في الاستعلاء على الجراح والتعالي على المصاب الجلل هو دليل يضاف إلى كثير من الأدلة تؤكد على أن شعبنا الذي رأى الناس صموده وثباته وإصراره على حقه ودحر عدوه عن أرضه ومقدساته أصبح اليوم بحمد الله تعالى تتقدمه قيادة لا تبخل بأغلى ما لديها من فلذات الأكباد والأحباب والأموال، ولا تستعظم فقد شيء في طريق قيادتها لشعبها على طريق التحرير وإنهاء المشروع الصهيوني برمته عن أرضنا ومقدساتنا.
يدرك الاحتلال الإسرائيلي ويوقن بالهزيمة كلما رأى هذا الثبات الأسطوري من القادة، حتى وإن لم يعترف به علنا، فإسماعيل هنية وهو يتلقى خبر استشهاد ثلة من أبنائه وأحفاده، وقف ثابتا شامخا، بينما أبناء نتنياهو وأبناء قيادة كيانه يتسكعون في شوارع أميركا وأوروبا هربا من الحرب والتزاماتها، وبينما أبناء باقي الشعب الإسرائيلي يخدمون في الجيش ويذبحون على أيدي المجاهدين في غزة العزة.
بالتأكيد إن هذه العملية الجبانة ستكون لعنة جديدة وشرارة حراك شعبي صهيوني ضد نتنياهو وكل قيادات هذا الكيان الذين أصبحوا يتاجرون بدماء شعبهم وأسراهم لدى المجاهدين، من أجل بناء أمجادهم الشخصية، وليوفروا مزيدا من الأموال لأبنائهم لكي يسكروا بها في بارات أميركا وأوروبا وطبعا تل أبيب.
ضاعت فلسطين لما كان قادة الكيان أصحاب مشروع وكانوا وأبناؤهم يشاركون عصابات الكيان في الجود بالنفس والمال مصداقا لقوله تعالى “أكثر نفيرا” لتحقيق أحلامهم وإرساخ عدوانهم، وبالمقابل كان قادة العرب مثل نتنياهو اليوم يلهون وأولادهم وربما يسكرون في عواصم الغرب بينما يديرون بجنودهم معارك صورية لا تبالي بمقدس ولا تضحي من أجل كرامة ولا عرض، وإن دخلوا معركة دخلوها بلا إِعداد ولا استعداد للتضحية بشيء إلا بجنودهم، الذين ربما يزجون بهم بلا إمكانات ولا حسابات في معارك محسومة النتائج، الغرض منها سكب اليأس على الشعوب من الاعتقاد أن هناك إمكانية للتحرر. بينما يكون أبناؤهم يلهون في بلاد العالم ويبذرون الأموال التي كان ينبغي أن تنفق على التسلح.
في هذه الأجواء والأحوال أقام الصهاينة كيانهم على أرض فلسطين، أما الآن في ظل انقلاب الصورة وتضحيات المجاهدين الذين تتقدمهم قياداتهم بهذا الفداء العظيم من نفوسهم وأبنائهم وأموالهم، والزهد بكل غال وبذله على طريق تحرير المقدسات؛ فإن هذا مؤذن بإذن الله تعالى بزوال هذا الكيان مهما حاولت أميركا تثبيته، فما دام يتقدم شعبنا أمثال هذه القيادات المعطاءة التي تجود بالنفس والولد والأحبة وكل ما تملك، وتعد ما تستطيع لمواجهة هذا العدو من عدة ليعلو صوت الحق ولتتحرر الشعوب والمقدسات ولتصان الأعراض والحرمات وليدحر العدو، فالله لن يخلف وعده ولن يؤخر نصره وهو القائل سبحانه “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” والقائل “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم”، فإن النصر بات قريبا وإن موقفك العظيم يا أخي أبا العبد لهو برهان جديد على ذلك.
رحم الله أبناءك وأحفادك أيها القائد المجاهد المحتسب، يا من حرقت بصبرك وثباتك وتعاليك على الجراح قلب عدو أراد أن يحرق قلبك وقلوبنا جميعا بجريمته الجبانة، فقلبت السحر على الساحر، رحم الله أبناءك وأحفادك وأعلا في الجنان مقامهم وجمعك وأيانا بهم في جنان الخلد، ورحم الله كل من مضى من القيادات الأصيلة وأبنائهم على طريق التحرير، وأعظم لك الأجر على صبرك وثباتك لحقيقة الأولويات عند القادة الصادقين وربط على قلبك وحرق بك قلب نتنياهو وكل كيانه.
رحم الله كل شهداء غزة وفلسطين، وكل شهداء أمتنا على طريق الخلاص من المحتلين والمعتدين والظالمين، ونصر الله المجاهدين على أرض غزة والضفة وكل فلسطين نصرا قريبا مؤزرا، ولا شك أنك وأننا معك نعلم جميعا أن طريقنا مليء بالصعاب، محفوف بالأشواك والمكاره، ولكنه موصل إلى التحرير بإذن الله تعالى.