يتواصل القصف الإسرائيلي على المستشفيات في قطاع غزة وسط تركيز على مجمع الشفاء الطبي الذي أكد المتحدث باسم وزارة الصحة للجزيرة خروجه تماما عن الخدمة، في حين حذرت منظمات دولية من انهيار شبه كامل للخدمات الطبية.
مجمع الشفاء الطبي
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور محمد أبو سلمية إن المجمع لم تعد تتوفر فيه مياه ولا كهرباء، وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة- أن العالم الحر يشاهد الأطفال والنساء والجرحى بغزة يموتون دون تقديم شيء.
وأكد أبو سلمية أن الموت بدأ في صفوف المرضى في قسم العناية المكثفة، وفي حضانات الأطفال بسبب انقطاع الكهرباء والعمليات العسكرية في محيط المستشفى.
وأشار مدير مستشفى الشفاء إلى أن الاحتلال يستهدف كل من يتحرك في ساحاته، أو يحاول الخروج منه، لافتا إلى أن إدارة المستشفى وجهت نداء استغاثة للجنة الدولية للصليب الأحمر، لكنها لم تتلق أي استجابة حتى الآن.
من جانبه، قال الدكتور أحمد أبو ندى -رئيس قسم جراحة الأوعية في مستشفى الشفاء بغزة- إن المستشفى لم يعد يرقى لأن يكون مستشفى، وإن الوضع كارثي.
وأضاف للجزيرة أنه لا كهرباء ولا ماء، وأنهم يضطرون أحيانا لترك بعض المرضى لمصيرهم، مؤكدا أن 600 مريض وعشرات الأطفال معرضون للوفاة في ظل استمرار انقطاع الكهرباء والماء عن المستشفى.
أما مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش، فأكد أن الأجهزة في مستشفى الشفاء توقفت بالكامل، مشيرا إلى أن طفلا من أصل 37 طفلا حديثي الولادة استشهد.
وأضاف البرش -في اتصال مع الجزيرة- أن “الاحتلال الإسرائيلي يرتكب هولوكوست جديدا باستهدافه مستشفى الشفاء”.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، أشرف القدرة، للجزيرة إن “هناك جرحى وشهداء ملقين على الأرض عند بوابة مستشفى الشفاء الذي بات ساحة مفتوحة للقصف الإسرائيلي من كل جانب”.
وفي حين أكد القدرة أن المستشفى خرج عن الخدمة تماما، فإنه أشار إلى محاولتهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه بأساليب بدائية.
وقد أطلق وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة يوسف أبو الريش ما قد يكون “آخر نداء” يمكن سماعه من مستشفى الشفاء بغزة، بسبب اشتداد الهجمات الإسرائيلية على المجمع
وقال أبو الريش إن “الموت بدأ يحصد أرواح الجرحى والأطفال بسبب انقطاع كل سبل الحياة عن المستشفى”.
وفي وقت سابق اليوم السبت، قالت الفصائل الفلسطينية إنها أبلغت الأمم المتحدة بضرورة إرسال بعثات أممية للتأكد من خلو مستشفى الشفاء من أي مظاهر عسكرية.
وطالبت لجنة المتابعة للفصائل الفلسطينية -في بيان- الهيئات الدولية بالحضور لمجمع الشفاء لمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي من اقتحامه ومنعها من تزوير الحقائق.
بدورها، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تداعيات تصعيد جيش الاحتلال لقصفه الهمجي في محيط مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، للمرّة الخامسة خلال 24 ساعة.
وقد أظهرت صور مشاهد لاستهداف قوات الجيش الإسرائيلي محيط المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن “الدبابات الإسرائيلية تبعد حاليا 20 مترا من مستشفى القدس”، وأفاد بإطلاق نار مباشر على المستشفى وسط حالة هلع وخوف شديدين بين النازحين الذين لجؤوا إلى المستشفى.
أما رئيس قسم الجراحة في مستشفى الرنتيسي للأطفال، محمد الماضي، فقال للجزيرة إنه “لا مكان بغزة يعالج الأطفال حاليا، مشيرا إلى أن الأطفال أكثر فئة تضررت من هذه الحرب”.
وأضاف الماضي “نتحدى الاحتلال إثبات أي وجود لعناصر المقاومة في المستشفى، وقد حوصرنا 3 أيام متتالية والعدو طلب منا المغادرة ورفضنا”.
وقال مدير عام مستشفيات قطاع غزة محمد زقوت إنه “يتم التواصل باستمرار مع الأونروا ومنظمة الصحة العالمية، لكنهم اعتذروا عن تقديم أي شيء في غزة، وفي منطقة الشمال”.
وأوضح زقوت أنه تم إجراء محادثات مع الصليب الأحمر لإدخال بعض الوقود للمستشفيات مشيراً إلى أن الصليب الأحمر أبلغهم برفض قوات الاحتلال ذلك. وطالب زقوت بتدخل إنساني عاجل لوقف كامل لإطلاق النار في قطاع غزة.
من جهتها، أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” أنه لا يمكنها حاليا الاتصال بأي من موظفيها داخل مستشفى الشفاء بغزة. وأعربت المنظمة عن قلقها على سلامة المرضى والطاقم الطبي.
وكررت المنظمة دعواتها بشكل عاجل لوقف الهجمات على المستشفيات وحماية المرافق الطبية والطواقم الطبية والمرضى.
وأكدت منظمة “أطباء بلا حدود” تكثيف الهجمات على مستشفى الشفاء بشكل كبير خلال الساعات الماضية مشيرة إلى أنه لا يزال المرضى بداخله، وبعضهم غير قادرين على الحركة.
وقالت المنظمة -عبر منصة إكس- إن “مستشفيات غزة تعرضت لقصف متواصل خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينما لا تزال الفرق الطبية والمرضى بداخلها”.
وطالبت المنظمة بإيقاف عاجل لإطلاق النار على مستشفيات القطاع، حتى يتمكن الأطباء من إنقاذ حياة المصابين.
وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن حياة مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة على “شفير الهاوية” في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية.
وأشارت المنظمة إلى شبه توقف للرعاية الطبية في مستشفى الرنتيسي والنصر للأطفال بالتزامن مع هجمات وأعمال عدائية مكثفة بالقرب من مستشفى الرنتيسي، حيث يخضع أطفال لغسيل الكُلى وفي العناية المركزة.
كما نبهت المنظمة من أن آلاف الأطفال في شمال غزة لا يزالون في خطر كبير في ظل اشتداد الأعمال العدائية وعدم توفر مكان يذهبون إليه.