75 عاما على النكبة.. الأسباب الحقيقية للهزيمة الغامضة

في عام النكبة 1948 ، سقطت الجيوش العربية في اختبار قاسٍ أمام التاريخ، بعد أن أثبتت أنها غير قادرة على حماية بقاعها المقدسة أمام مهاجرين مُحتلين وعصابات مسلحة، وليس أمام إمبراطورية عظمى أو جيوش قاهرة. وبلغ العرب من الضعف أن اجتمعت جيوشهم في حرب على جماعة سُكانية لا يعادل عددها سكان عاصمة من عواصمها الكُبرى، فخسرت خسارة مُذلة وتشرَّد شعب من شعوبها بأكمله.

النكبة

لم تُحَل حتى الآن الكثير من ألغاز حرب 1948، وكلما زاد التعمُّق في أحداث الحرب التي خاضتها الجيوش العربية في مواجهة العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، ازدادت الأسئلة التي لا يوجد لها جواب شافٍ. وفي واقع الأمر، أتى أداء الجنود العرب في بعض المعارك مُستبسلا واستثنائيا إلى حدٍّ يجعلنا نطرح السؤال الآتي: هل خسر العرب لأسباب عسكرية حقا أم أن ثمَّة مؤامرة سياسية أفضت إلى الهزيمة؟ ويفرض ذلك السؤال نفسه لأننا لا نتحدث في عام 1948 عن إسرائيل المتطورة ماديا التي عرفناها طيلة العقود الماضية، بل نتحدث عن عصابات مسلحة لا تمتلك سلاحا متفوقا نوعيا على السلاح العربي، رغم ما حازته من دعم دولي. في هذا المقال سنحاول أن نعيد النظر من قرب إلى أسباب الهزيمة التاريخية في حرب 1948، التي تشكَّلت على آثارها أهم التحولات السياسية والاجتماعية داخل العالم العربي في السنوات اللاحقة.

شحذت الحرب وما حام حولها الكثير من النظريات والأساطير. ففي مصر ساد الحديث لعقود عن أن النظام الملكي أرسل الجيش بأسلحة فاسدة عن عَمْد، بينما شاع في العراق الحديث عن أن أحد القادة العسكريين في الميدان قال والحنق يملؤه: “ماكو أوامر”، بمعنى أن القيادة السياسية كبَّلت الجيوش عن القيام بدورها الصحيح لاستعادة أرض فلسطين. ولكن بعيدا عن تلك الروايات الشعبية التي تكشف لنا تصوُّرات الشعوب العربية عن جيوشها آنذاك، التي سنُفصل حقيقة بعضها في السطور القادمة، فإن هناك حقائق ثابتة تثير الدهشة بالفعل، منها مثلا العدد الضئيل للجنود على الجانب العربي، رغم أن عدد جالية المحتلين اليهود في فلسطين بلغ حينها نحو 650 ألف نسمة لا أكثر، في حين بلغ عدد سكان مصر وحدها نحو 19 مليون نسمة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *