الحركة الهندوسية السياسية تسعى إلى نشر الكراهية، والمعلومات المغلوطة، والعنف ضد المسلمين بكل وسيلة ممكنة؛ فنشطاؤها -من وقت لآخر- ينشرون عبر منصات التواصل الاجتماعي أمور غريبة، مثل ادعائهم بأن المسلمين ينشرون فيروس كورونا في الهند ضمن أجيندا إسلامية ضد الهند، أو أن أحياء المسلمين ومدارسهم الدينية ومساجدهم أوكار للتنظيمات الإرهابية، أو أن المسلمين جواسيس لباكستان.
وكانوا سابقا ينشرون هذه الأكاذيب على استحياء عن طريق نشر كتيبات مجهولة لا تحمل اسم الكاتب أو الناشر، أو كانوا يبعثون برسائل مجهولة إلى الصحف والسلطات.
ولكن هذه العناصر قد تشجعت وخرجت للعلن بعد مجيء ناريندرا مودي للحكم مايو/أيار 2014؛ فبدأت تقول وتنشر وتذيع بمنتهى الحرية ما يحلو لها من أكاذيب عن المسلمين والمسيحيين ومعارضيهم، والسلطات لا تعاقبهم، حتى وإن قدم الأهالي ومنظمات حقوق الإنسان بلاغات إلى الشرطة واشتكوا إلى المسؤولين.
والمرأة المسلمة الهندية لقمة سائغة لهؤلاء، خاصة المرأة المتعلمة التي تعمل في الصحافة أو السياسة أو المجال الأكاديمي.
وعيد الأضحى الماضي -في يوليو/تموز 2021- أقام تطبيق “سولي ديل” (Sullideal) على منصة “غيت هاب” (GitHub) مزادا لبيع 80 امرأة هندية مسلمة من صحفيات وناشطات حقوق إنسان وقائدة طائرة.
وكلمة “سولي” كلمة ذم وتحقير مثلها مثل اللقب الجديد “بولي باي” (Bulli Bai) واخترعت الكلمتان للحط من شأن المرأة المسلمة، وكلتاهما تأنيث لكلمة “مُلّا” التي يستخدمها الغلاة لتحقير المسلم الهندي، أما كلمة “باي” التي أضيفت إلى “بولي” فهي زيادة في التحقير، إذ تستخدم للإشارة إلى العاملات في البيوت.
وتم توجيه عدة بلاغات ضد تطبيق “سولي” في عدة مدن يوليو/تموز الماضي، ولم يزد الأمر على إغلاق ذلك التطبيق إذ لم يتم اعتقال أحد أو رفع قضايا ضد أحد في المحاكم، في حين لو صدرت حتى همسة ضد رئيس الوزراء أو كبار المسؤولين في حكومته فسيتم اعتقال المسؤول خلال ساعات، وسيتم توجيه كل التهم إليه بما فيها تهمة “الإرهاب”، وذلك لكي لا يخرج المتهم من السجن بكفالة؛ لأن الإفراج بكفالة صعب في قضايا “الإرهاب”.
يطالب الشعب بمعاقبة الجانيين
وتشجع غلاة الهندوس بعد مزادهم السابق، فأعدوا تطبيقا جديدا باسم “بولي ديلز” (Bullideals) وأطلقوه في رأس سنة 2022 على المنصة نفسها، وضمنوه أسماء وصور 100 امرأة مسلمة هندية من العاملات في الصحافة والسياسة وحقوق الإنسان.
وعليه، أثيرت ضجة فعمدت الحكومة المركزية إلى إغلاق الموقع، كما صدرت تصريحات بأن الحكومة لن تسكت على هذا، لكن مراقبين يعتقدون أن هذه الحملات ستستمر ولن يتم المساس بالمسؤولين عنها.
ويتساءل مراقبون كيف لا يتم المساس بالكاهن ييتي ناراسينغاناند، الذي يعلن بين الفينة والأخرى أنه سيبيد الإسلام من على وجه الأرض، وكان منها إعلانه ذلك من منصة نادي الصحافة الهندي بنيودلهي في الثالث من أبريل/نيسان 2021، حيث شتم خلاله رسول الإسلام، وكان هذا الشخص من منظمي “البرلمان الديني” في مدينة هاريدوار قبل أسبوعين حيث رفعت شعارات إبادة مسلمي الهند.
وأصبح توجيه الشتائم لرسول الإسلام أمرا معتادا في مظاهرات غلاة الهندوس ومنشوراتهم على شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام، في وقت طالبت فيه بعض المنظمات الإسلامية بسن قانون يجرّم المساس برسول الإسلام.
هذه المرة قامت شرطة بومباي باعتقال طالب هندسة من بنغالور قام بالترويج لهذا الموقع -عبر حسابه على تويتر- وقالت شرطة بومباي إن امرأة من ولاية أوتارخاند تقف وراء هذه الحملة.
ولا يستغرب مراقبون هذا، لكون شرطة بومباي تتبع ولاية ماهاراشترا التي يحكمها حاليا حزب معارض لحزب الشعب الهندي الذى يحكم الهند على مستوى الحكومة المركزية.
وقد أرسلت رئيسات 5 منظمات نسائية هندية رسالة إلى رئيس الجمهورية الهندية رام ناث كوويند تطالبه بالتدخل لوقف هذه الحالات ومعاقبة المسؤولين عنها.
الإدانة
وأصدرت منظمات عديدة وزعماء سياسيون بيانات شجب وإدانة، إلا أن الأمر-وفق مراقبين- سينتهي عند هذا الحد؛ لأن السلطات لن تعاقب المسؤولين.
في المقابل، تتعامل السلطات مع المسلمين بأسلوب مغاير، فقبل أيام جرى هدم بيت مسلم بالجرافة على الفور عقب الادعاء بأن أحجارا رميت منه على مظاهرة هندوسية في ولاية مادهيابراديش، وقد سبق هدم عدد من بيوت مسلمين في ولاية أوتارابراديش ممن شاركوا في المظاهرات ضد قانون الجنسية الجديد.
وعادة ما يتم هدم بيوت وبنايات في كشمير يطلق منها النار أو يختبئ فيها مسلحون انفصاليون، وكل هذا يجري بدون إجراءات قضائية.
كما أنه من المعتاد أيضا تسجيل قضايا بتهمة الإرهاب للمتهمين المسلمين ومعارضي الحكومة حتى في قضايا بسيطة، مثل تغريدة لا تعجب الحكام أو زعم بأن المتهم قام بتغيير ديانة هندوسي بالإغراء.
وسبق قبل 4 أشهر أن قام أحد غلاة الهندوس -ويدعى كونال شَرما- بنشر أسماء وأرقام هواتف عدد كبير من المسلمات الهنديات المشهورات وكتب معلقا “تزوجوا المسلمات، واستخدموهن أنتم وأصدقاؤكم كأموال عامة”.