سؤال وجهه كاتب ومحام إسرائيلي، لكنه لم يشأ أن يجيب عليه بنفسه بشكل مباشر، لأنه لا يبدو أنه يؤمن بأن الإجابة عليه بالإيجاب، فقرر ترك الجواب للجمهور.
هل إسرائيل دولة ديمقراطية؟
وبينما يدعو المحامي والمشّرع القانوني أورين لين في مقاله في صحيفة معاريف القراء إلى عدم التسرع في الحكم على سؤاله بأنه استفزازي، يؤكد أن الديمقراطية التي يتغنى بها الإسرائيليون ويتفاخرون بها على غيرهم تتطلب التقيد الصارم ببعض المبادئ والقيم الأساسية، وأن مجرد التصويت وانتخاب ممثلين للكنيست ليس هو العنوان للديمقراطية الحقيقية.
ويقول لين “يجدر بنا أن نفحص أنفسنا ونجيب على هذا السؤال، لأننا نفخر بكوننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كجزء من قوتنا وقربنا من العالم الغربي، ويجب ألا يكون هذا كبرياء خاملا”.
ويوضح “الديمقراطية لا تقتصر على حقيقة أننا ذهبنا للتصويت في يوم انتخابات الكنيست وسلمنا دفة السلطة إلى الائتلاف المنتخب. إن انتخاب الممثلين المنتخبين لتمثيلنا وتسليم السلطة لهم، في الكنيست وفي الحكومة، ليس سوى غطاء للديمقراطية، وليس المحتوى. بعد كل شيء”.
وفي هذا السياق، يهاجم الحكومة الحالية، ويقول “نحن لسنا ساذجين تماما، وليس لدينا أي نية للسماح لمسؤولينا المنتخبين بفعل ما يريدون. في الواقع، عهدنا إليهم بمسؤولية الإبحار بالسفينة، لكننا لم ننقل السلطة المطلقة إليهم. ونحن، جميعا، ما زلنا نجلس في هذا القارب”.
ورغم أن الكاتب يسارع إلى القول إن الديمقراطية لن تتسامح مع الحكم المطلق لمجموعة من الممثلين المنتخبين، وإنها تتطلب التقيد الصارم ببعض المبادئ والقيم الأساسية، فإنه يدرج جزءا مهما من هذه المبادئ والقيم، ويدعو الجمهور الإسرائيلي للحكم إلى أي مدى يعتقد أن هذه القيم يتم الحفاظ عليها؟ وهي:
المبدأ الأول الذي تحدث عنه هو قيمة المساواة الكاملة أمام القانون فيما يتعلق بالوفاء بالالتزامات تجاه الدولة، أو الحصول على حقوق من الدولة. وبطبيعة الحال هو لا يتحدث عن تحقق ذلك في بلاده، ولكنه يلمح إلى التباين في التشريعات التي تخص كل الإسرائيليين والتشريعات التي تخص المتدينين الأرثوذكس.
المبدأ الثاني، هو الشرطة التي تعمل على دعم قانون البلاد وحماية الأرواح والممتلكات، والتي قال إنها يجب أن تخضع للقانون وحده. ويقول “يجب ألا تخضع الشرطة للسيطرة من أجل أغراض سياسية”، في تلميح لوزير الأمن شرطة إيتمار بن غفير، الذي يحاول تنفيذ أجندة المتطرفين على ممارسات الشرطة في الأراضي المحتلة.
أما المبدأ الثالث، فهو الحقوق الأساسية الممنوحة لكل مقيم في الدولة ومواطنيها، وهي الحق في الحياة، والحرية الجسدية والكرامة، وخصوصية الفرد والملكية، وتكوين الجمعيات لأغراض تجارية أو اجتماعية أو سياسية، وحرية التعبير والإبداع، وحرية الإعلام، وحرية التظاهر.
وتحدث الكاتب عن المبدأ الرابع، الذي هو جزء من المبدأ الثالث، ويتعلق بحقوق الأقليات، ويوجه دعوته إلى الأغلبية الحاكمة التي قال إنها يجب ألا تنتهك حقوقهم وأن تعطيهم حقوقا متساوية، في إشارة مبطنة إلى التمييز الحاصل ضد الفلسطينيين الذين يحصلون على الجنسية الإسرائيلية في أراضي الـ48.
أما المبدأ الخامس فهو حرية العبادة الدينية، قائلا إنه “لا يجوز للدولة فرض قوانين دينية بموجب القانون على عامة الناس”، ولكنه أشار على وجه الخصوص إلى أن “الدولة لا تنشئ مؤسسات دينية أو تدعم المؤسسات الدينية”، وهذه إشارة واضحة إلى الدعم الذي تتلقاه المؤسسات الدينية على تنوعها من الحكومة الإسرائيلية.
وقال إن المبدأ السادس هو “حق الفرد في تحقيق الذات، مثل حرية اختيار المهنة أو الوظيفة وفقا لرغبات الفرد دون أن تفرض الدولة أغلالا لا داعي لها لا تهدف إلى حماية المصلحة العامة”.
وفي وقت دعا فيه القراء إلى تقرير ما إذا كانوا يعتقدون أن هذه المجموعات من المبادئ موجودة في إسرائيل من أجل الوصول إلى استنتاج حول ما إذا كان بلدهم ديمقراطيا بالفعل، ختم بعبارة ذات مغزى قائلا “إذا اتضح أننا فشلنا على مر السنين في هذه المهمة، فإن جميع أولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية سيحسنون صنعا إذا بذلوا جهدا لتصحيح هذا التشويه”.