يُعد انطلاق شبكة “آر تي إل بلس” (+RTL) الألمانية تحديا كبيرا لشبكة نتفليكس الأميركية، فالمنصة الأوروبية الجديدة لم تكتفِ بتقديم خدمة مشابهة لما تقدمه نتفليكس، ولكنها قررت تقديم أشكال إضافية من الترفيه والتثقيف
كانت شبكة “آر تي إل” (RTL) الألمانية قد أطلقت خدمة بث رائدة تجمع بين الفيديو والكتب الإلكترونية والبودكاست والصحافة الرقمية والموسيقى هذا الأسبوع، ويعد إطلاق “آر تي إل بلس” (+RTL) هو التحدي الأكبر الذي تواجهه منصة نتفليكس التي تتربع على عرش بث الأفلام والمسلسلات في العالم منذ سنوات
وتقدم منصة البث الجديدة 60 ألف ساعة فيديو تشمل الدراما التاريخية وأفلام التشويق البوليسية، بالإضافة إلى آلاف الكتب المسموعة والبودكاست والصحف الإلكترونية. وفي مجال الموسيقى والغناء تبث المنصة نحو 73 مليون أغنية. وكانت خدمة الفيديو قد أطلقت كبداية على أن تليها باقي الخدمات خلال الأشهر الستة المقبلة
وقال ماتياس دانغ الرئيس التنفيذي المشارك للمنصة في تصريح لـ “هوليود ريبورتر” (Hollywood Reporter) الخميس 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إن الشبكة أمضت عامين في التخطيط لهذه الخدمة، وأضاف أن خدمات البث المحلية تعد البديل الأفضل للبث العالمي
ويأتي تصريح دانغ كإشارة واضحة إلى تشجيع القدرات المحلية للدول لإنشاء الشبكات ووقف سيطرة نتفليكس على سوق البث في دولها. ويعمل فريق للتحرير جنبا إلى جنب مع التكنولوجيا للتعرف على تفضيلات مشاهدي وقراء ومستمعي المنصة الجديدة، ومن ثم برمجتها وإتاحتها للزوار
وتخطط الإدارة لتطوير منصتها من خلال مضاعفة الاستثمار في المحتوى إلى 3 أضعاف المحتوى الحالي، ما يعني أن حجم الاستثمار البالغ 231 مليون دولار سنويا سوف يصبح 692 مليونا بحلول عام 2026
وكانت الشبكة قد وقّعت عقودا لإنتاج سلاسل درامية ألمانية أسبوعية، ومن المنتظر أن تبدأ أولى عروضها في يناير/كانون الثاني المقبل
من جهته، أكد ريد هاستسنجز الرئيس التنفيذي لشبكة نتفليكس وأحد المؤسسين عبر نائبه كونستانتين أوليفر بيرين في تصريح صحفي أن أكثر ما تخشاه الشبكة هو المنافسة الإقليمية
وتملك نتفليكس حاليا نحو 2.5 مليون مشترك من ألمانيا وحدها من بين 70 مليون مشترك في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ويأمل المنافسون الجدد الوصول إلى 7 ملايين مشترك بحلول عام 2026 طبقا لماتياس دانغ
نتفليكس المنافس الشرس
تعتبر نتفليكس بالنسبة لمعظم مشاهدي الدراما في العالم هي المنصة الأساسية وتحظى بنحو 15% من إجمالي نطاق الإنترنت في الكرة الأرضية، وقد تأسست عام 1997 من خلال تيد هاستينجز ومارك راندولف في وادي سكوتش بكاليفورنيا لبيع وتأجير أسطوانات “دي في دي” (DVD) بالبريد العادي، ثم انتقلت إلى البث عبر الإنترنت لتحظى اليوم بنحو 151 مليون اشتراك مدفوع في أكثر من 190 دولة حول العالم، وتقدم الشبكة الأفلام الروائية والوثائقية والمسلسلات بالعديد من اللغات، بالإضافة إلى الإنتاج الأصلي للشبكة
وتعرض الرئيس التنفيذي لمنصة نتفليكس للسخرية من مثيله بشركة بلوك باستر عام 2000 حين تحدث عن شراكة محتملة بين الكيانين، وأتيحت الفرصة لبلوك باستر لشراء نتفليكس مقابل 50 مليون دولار لكن الصفقة رفضت. وحاليا يتجاوز رأسمال نتفليكس 210 مليارات دولار بينما توقفت بلوك باستر عن العمل
كان عام 2013 عاما فارقا في تاريخ الشركة التي رشحت إنتاجاتها الأصلية لأكثر من 31 جائزة إيمي للمسلسلات الدرامية والكوميدية والوثائقيات وبينها “بيت الورق” (House of cards) و”البرتقالي هو الأسود الجديد” (Orange is the new black) و”المربع” (The square)، وظهرت آثار هذه الترشيحات في العام نفسه حيت ارتفع عدد مشتركي الشبكة إلى 40 مليونا
وجاء عام 2017، لتفوز الشبكة بأولى جوائزها عن فيلم “الخوذ البيضاء” أو (The White Helmets)، وفي عام 2018 فازت بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عن فيلم” إيكاروس” Icarus) 2017)، وهو فيلم وثائقي أميركي للمخرج بريان فوغل
في عام 2019، فازت نتفليكس (Netflix) بـ4 جوائز أوسكار، وامتد نشاط المنصة التي أصبحت عملاقة إلى الشرق الأوسط بتدشين أول إنتاجاتها العربية وهو مسلسل “الجن”، وفي تايلند قدمت (المستوى) أو (The standard)، وحصلت الشبكة على حقوق الملكية الفكرية لـ”ستوري بوكس” (Storybooks)، والتي كانت علامة تجارية إعلامية للأطفال حائزة على جائزة إيمي وآني Annie، وأطلقت نتفليكس أيضًا فيلم “كلاوس” Klaus، وهو أول فيلم رسوم متحركة أصلي لها
وكانت الشبكة العملاقة قد حظيت بكراهية شديدة من قبل السينمائيين في هوليود حتى عام 2016، ورفض مهرجان “كان” الفرنسي عرض أفلامها باعتبارها لم تعرض في دور العرض السينمائي وهو الشرط الرئيسي لاعتبار الفيلم سينمائيا
لكن كراهية هوليود لم تستمر كثيرا، إذ أدى استحواذ شركة ديزني على شركة “فوكس للإنتاج السينمائي” إلى اختفاء كيان سينمائي ضخم، وهو ما أدى بدوره إلى عجز إنتاجي، كان على الشبكة معالجته في السوق، وبينما كانت الكراهية تنبع بشكل أساسي من كسر تقاليد مشاهدة الفيلم السينمائي بتقديمه عبر شاشات صغيرة يستطيع خلالها المشاهد تفقد حسابه على منصات التواصل ثم العودة مجددا، أدى نجاح نتفليكس إلى اتخاذها نموذجا وأنشأت الشركات الأخرى شبكاتها للبث المباشر عبر الإنترنت، وانتقلت نتفليكس إلى مرحلة جديدة عامي 2020 و2021 بالهيمنة على ترشيحات وجوائز الأوسكار إلى حد كبير