أعدّت وزارة الأمن الإسرائيلية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وبمشاركة جهاز الموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك)، برنامجا للطلاب المتفوقين والموهوبين في المرحلة الثانوية من أجل تطوير قدراتهم والاستفادة من أدمغتهم لصناعة وتطوير الأسلحة ومعدات التكنولوجيا والسايبر.
وأطلقت وزارة الأمن الإسرائيلية على برنامج تأهيل الطلاب الموهوبين والمتفوقين “أودِم”، ويهدف إلى تجنيد فتية بعمر 14 إلى 15 عاما، ضمن مساق تعليمي خاص يدمج بين المرحلة الثانوية والجامعية من أجل تطوير واكتشاف أسلحة جديدة وتحديث الأسلحة التقليدية بما يتلاءم مع التطور التكنولوجي والإلكتروني.
وأتى البرنامج وسط تراجع في “حماسة” الإسرائيليين على الخدمة في الوحدات القتالية، حيث أظهرت نتائج التسجيل العام للالتحاق بالجيش للعام الثالث على التوالي ضعفًا في إقبال الشبان اليهود على الخدمة والانخراط في الوحدات القتالية.
وأمام هذا التراجع في التجنيد للوحدات القتالية لوحظ في الجيش إقبال من في المرحلة الثانوية على التسجيل والاستعداد للانخراط في الوحدات التي تعنى بمجال “السايبر”، والخدمة في وحدات التكنولوجيا المختلفة، وأبرزها الوحدة 8200 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، ومنظومة “السايبر” ووحدة الجيش الإلكتروني، وعلى هذا الأساس أتى البرنامج الذي نستعرض أبرز محاوره وأهدافه.
ما الجهات التي تشرف على برنامج “أودم”؟
حسب مدير البرنامج رونين كيدار، فقد انضم الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد وصناعات أمنية رائدة وصناديق وهيئات غير حكومية إلى برنامج “أودم” المشمول في مخطط “تطوير الجولان”، الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتشرف على هذا البرنامج “مديرية أبحاث وتطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية” في وزارة الأمن الإسرائيلية، بالتعاون مع دائرة الطلاب المتفوقين والموهوبين في وزارة التعليم الإسرائيلية، وذلك لمنع تسريب “أدمغة الهايتك” من الجيش الإسرائيلي.
ما سبب الحاجة إلى برنامج خاص لتأهيل طلاب الثانويات في مجال تطوير الأسلحة؟
أطلقت وزارتا الأمن والتعليم الإسرائيليتان برنامجا جديدا متميزا، للمتفوقين والموهوبين في مرحلة التعليم الثانوي، وعُقدت أمسية تسويقية للبرنامج بمشاركة شخص ملقب بـ”إيرز”، هو رئيس قسم التكنولوجيا في الموساد، قال من خلال شاشة سوداء “دولة إسرائيل بحاجة إلى مقاتلين جيدين وتحتاج إلى تفوق تكنولوجي. ليس لدينا خيار: يجب أن نكون في المركز الأول؛ المركزان الثاني والثالث لا يكفيان لنا”، وفق ما ذكرته صحيفة “هآرتس”
ما الهدف من برنامج “أودم” للطلاب المتفوقين والموهوبين؟
يسعى برنامج “أودِم” إلى تجنيد فتية وفتيات لديهم تفوق وقدرات عالية، وذلك من أجل تطوير الأسلحة، ومدة البرنامج 12عاما، يشمل الدراسة في مدرسة ثانوية داخلية في مستوطنة “كتسرين” في هضبة الجولان المحتلة، ثم دراسة هندسة الكهرباء في معهد التطبيقات (التخنيون) في حيفا، وبعد ذلك خدمة عسكرية في الوحدات التكنولوجية التابعة للموساد والشاباك والجيش الإسرائيلي 6 سنوات، علما أن الذين ينخرطون في هذه الوحدات سيحظون بـ”تأثير هائل”، وفقا للمشرفين على البرنامج.
هل أُطلق الفوج الأول للبرنامج؟ وكيف ستكون الدراسة؟
بدأت مرحلة تصنيف الطلاب والطالبات من الصفوف التاسعة، لاختيار 40 طالبا سيكونون في الفوج الدراسي الأول لبرنامج “أودم”، وسيشرعون في الدراسة في إطار هذا البرنامج مطلع العام الدراسي المقبل، وسيكون التعليم في جميع المراحل مجانيا، وسيركز البرنامج، بالتعاون مع شركة تطوير الأسلحة “رفائيل”، على تطوير “منظومات مستقلة”.
تأتي هذه البرامج لمواجهة العزوف عن الانخراط في الوحدات القتالية البرية، وبغرض توفير الأطر المناسبة للشباب للتجنيد في الجيش، إذ واجهت شعبة الأفراد والقوى في الجيش أخيرا تآكلا في المكانة العسكرية للفرد، وتراجعًا في الدافعية للخدمة القتالية، وهو ما يفرض على الجيش الاستعداد للتغيير والبدء في التفكير خارج الصندوق، حسب المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني “واللا”، أمير بوحبوط.
لماذا يتعرض البرنامج للانتقادات؟
وجهت للبرنامج كثير من الانتقادات التي رفضتها وزارة التربية والتعليم، وقال الباحث في العلاقة بين الجيش والسياسة والمجتمع في الجامعة المفتوحة، البروفيسور يَغيل ليفي، إن “بمقدور الروبوتات المقاتلة أن تكون كائنات وحشية، وينبغي توفير مستوى عال من التحليل الأخلاقي من أجل تطويرها. واحتجاز أشخاص في مدرسة داخلية نائية سيخلق الأجواء الملائمة، لمنع طرح أسئلة أو الاعتماد على أنظمة مدنية”.
الموقف ذاته عبّرت عنه المحاضرة في كلية القانون في جامعة تل أبيب، الدكتورة نتالي دافيدزون، إذ رأت أن برنامج “أودم” هو “صيغة أكثر تطورا ونعومة للاستخدام العسكري للأولاد والفتية”.
وقالت دافيدزون إنه بسبب تراجع الحاجة إلى قوات برية والانطباع بأن استخدام السلاح المستقل كأنه “جراحة” تنشئ وهما بحرب “نظيفة”، فهذه المنظومات “تسهم في تبرير استخدام القوة ونشوء المواجهات”.
ما العلاقة بين التفوق بالقدرات الذهنية والخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي؟
تعتقد المختصة في علم النفس الدكتورة حنا دافيد أن هناك خيبة أمل يشعر بها العديد من الشبان والشابات المصنفين على أنهم موهوبون بالمدرسة الثانوية، لكن قدراتهم وأدمغتهم هُمّشت بسبب الأدوار العسكرية المنوطة بهم عند انخراطهم بالجيش الإسرائيلي.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 8% من المجندين الذكور يتسربون سنويا من الجيش، في حين ترتفع النسبة لدى الفتيات إلى 12% تقريبا.
وأوضحت أنه بسبب عدم التوافق بين المسميات الوظيفية والعمل اليومي المطلوب منهم (الموهوبين) فإنهم يؤدون خدمتهم العسكرية رغما عنهم، فالخدمة في الجيش الإسرائيلي إلزامية، وليست قائمة يمكنك من خلالها اختيار “ما تريد”.
وعليه؛ أتت البرامج من أجل توفير الإطار المناسب لقدرات وأدمغة المتفوقين والموهوبين، ومن ثم فإن الجيش الإسرائيلي يعرف كيفية الاستثمار بالأدمغة والقدرات الخارقة واستخدام العقول اللامعة التي تصل إليه بأفضل طريقة لجميع الأطراف، وتجنيدهم في وحدات السايبر والجيش الإلكتروني والوحدة 8200 الاستخباراتية.
لماذا هذه البرامج والمسارات الخاصة بالمتفوقين؟
هناك انطباع لدى أبناء الشبيبة اليهود أنه بناء على تاريخ التكنولوجيا العالية في إسرائيل، فإن الخدمة العسكرية ضمن وحدات السايبر هي ضمان للنجاح الاقتصادي في المستقبل، ولذا فإن مثل هذه البرامج ترمي إلى مكافحة ظاهرة التسرب من الجيش وتوفير الإطار المناسب لكل مجند ومجندة.
تقول الدكتورة حنا دافيد إن هذا افتراض صحيح، “لكن لا علاقة له بالاعتقاد بأن الجيش الإسرائيلي سوف يتعرف على قدرات ابني الذي حصل على 100 في شهادة الثانوية العامة في 5 وحدات في علوم الحاسوب والرياضيات، وعليه أتت هذه المسارات لاختيار الطلاب الموهوبين من المرحلة الثانوية، بغية أن يكون الطالب أو الطالبة راضيا بالفعل عن الخدمة العسكرية، وأن يشعر بأنه يستنفد قدراته، أو أن المجتمع الإسرائيلي سوف يقدّره”.