استنفرت حادثة سقوط الطفل ريان في بئر بضواحي مدينة شفشاون شمالي المغرب، فاعلين جمعويين ومهتمين بالشأن المحلي.
وتعالت أصوات للمطالبة بضرورة ردم أو إغلاق الآبار العشوائية وحتى البالوعات المكشوفة، تفاديا لوقوع ضحايا جدد، وذلك بعد حادثة وفاة الطفل ريان، الذي سقط في بئر، وتم انتشاله بعد 5 أيام.
وتدق مأساة الطفل ريان ناقوس الخطر حول إهمال تلك الآبار، كما تطلق دعوات لتسييج محيط الآبار العشوائية، أو طمرها نظرا للخطر الذي تشكله على حياة المواطنين، وخصوصا الأطفال.
ونبّه ناشطون على المنصات الاجتماعية إلى وجود آبار مفتوحة وجافة بعمق يتراوح ما بين 100 و150 مترا في عدد من المناطق، مشيرين إلى أن هذه الآبار تشكل خطرا كبيرا، خاصة وأنها توجد في أماكن يمر فيها الرعاة والصيادون وغيرهم.
نداءات إلى الحكومة
في هذا الصدد، قال عبد العالي الرامي، رئيس منتدى الطفولة في المغرب، إن “وفاة ريان تدق ناقوس الخطر حول وضعية مجموعة من الآبار المهجورة أو غير المرخصة وغير المراقبة على الصعيد الوطني.
ودعا الفاعل الجمعوي، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى “تنظيم حملات توعوية، خصوصا بمناطق العالم القروي التي تعرف انتشار آبار عشوائية، من أجل توعية الأطفال وأولياء أمورهم بخطورة مثل هذه الفضاءات وتجنب الاقتراب منها وكذلك سبل التعامل مع مثل هذه الوضعيات”.
كما طالب المتحدث، السلطات المعنية بالتدخل لتشكيل لجان خاصة من أجل تحديد أماكن هذه الآبار وردم المهجورة منها أو تسييجها من أجل حماية المواطنين من مخاطر السقوط بها.
في ذات السياق، أطلقت جمعية المنتدى السرغيني للخير والتنمية، نداء وجهته إلى عامل قلعة السراغنة، شمالي مدينة مراكش، مطالبة إياه بإصدار تعليماته لإغلاق الآبار المهجورة، وإحصائها من أجل ترتيب غرامات مالية على أصحابها.
كما طالب المستشار الجماعي بمقاطعة سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء، يوسف السميهرو، على صفحته بفيسبوك، السلطات العمومية بالقيام بعملية مسح لجميع الآبار غير المستعملة والقيام بطمرها.
ولا تتوفر الدولة على إحصائيات دقيقة بخصوص أعداد الآبار التقليدية المهترئة، التي لم تعد صالحة للاستعمال، في ظل شح المياه بالعديد من المناطق الجبلية، ما يتطلب تدخل السلطات المعنية قصد الحد من الظاهرة.
دور السلطات المحلية
وفي خضم النقاش الذي طفا على السطح بعد حادثة الطفل ريان، تطرق عدد من المراقبين إلى التشريعات التي تنظم حفر الآبار في المغرب وتراقب عملها.
وجوابا على أسئلة “سكاي نيوز عربية”، أوضح الخبير القانوني والباحث السياسي، الحسين كنون: “هذا الأمر في المغرب مؤطر بالقانون 36.15 الذي ينظم حفر الآبار، وهي ثلاثة أنواع؛ أولاً الآبار التقليدية، ثم الآبار التي تُحفر ضمن مجهودات المجتمع المدني في إطار التضامن بين الدواوير، وفي الأخير الآبار العصرية التي ترى النور ضمن المخطط الأخضر التابع لوزارة الفلاحة”.
وأضاف الخبير: “استنادا إلى القانون، فإنه من المفترض أن يحصل كل شخص طبيعي أو معنوي، على ترخيص من السلطات المختصة؛ وهي السلطة المحلية التي تنسق مع وكالات الأحواض المائية المتواجدة في كل الأقاليم والعمالات والجماعات الترابية”.
الحسين كنون لفت أيضا إلى أنه رغم وجود تشريعات صارمة، فإن الواقع يشهد تجاوزات سواء بقصد أو بغير قصد؛ على اعتبار أنه عندما تكون هناك ندرة في المياه، فإنه قد تكون هناك بعض التجاوزات غير المقبولة.
كما علق المتحدث في تصريح خص به “سكاي نيوز عربية”، قائلا: “أعتقد أن القانون يكون في بعض الأحيان قاصرا، لا سيما فيما يتعلق بالثقوب المائية، حيث إنه لا يلزم صاحب الثقب بأن يغلق الفوهة بعد الانتهاء من أعمال الحفر، أو وضع سياج حوله يتجاوز المتر”.
وطالب الباحث السياسي، “السلطات المحلية المتمثلة في الأعوان الذين يعملون مع وكالات الأحواض، بأن يقوموا بتنسيق مع الجماعات المحلية بإيجاد حل لهذه الآبار، وذلك في إطار الجهوية المتقدمة. أما السلطات المركزية وعلى رأسها الحكومة والبرلمان، فهي مطالبة بسن القوانين التي من شأنها أن تنظم كل مناحي الحياة، وبالتالي فحسب هذه المقتضيات، على السلطة المحلية أن تضبط هذا الموضوع، لأن الأعوان لهم صلاحية تحرير المحاضر وفقا لأحكام المسطرة الجنائية، وإحالة المخالفات على النيابة العامة داخل أجل عشرة أيام”.
وخلص رجل القانون إلى أن “السلطات المحلية عليها أن تسارع لإجراء مسح شامل وإحصاء محين لكل الآبار وإغلاق الثقوب المائية التي تم الانتهاء من استخدامها”.
تفاعل السلطات
استجابة لدعوات التدخل لتفادي تكرار حادثة مشابهة لفاجعة ريان، ووعيا منها بأهمية الأمر البالغة، أصدرت مصالح تابعة لوزارة الداخلية المغربية، تعليماتها لممثليها في الأقاليم، بهدم وإغلاق الآبار والحفر المهجورة والقريبة من التجمعات السكانية.
وتهدف هذه التعليمات بالأساس إلى حصر عدد الآبار المهجورة وغير المسيجة منها، وذلك لوضع حد للحوادث التي تخلفها الآبار العشوائية.
وقد احتضن مقر عمالة إقليم تنغير (جنوبي المغرب) اجتماعا أمنيا موسعا، برئاسة حسن الزيتوني، عامل إقليم تنغير، وبحضور رئيس قسم الشؤون الداخلية، وجميع المصالح الأمنية والسلطات المحلية، من أجل وضع خطة عمل تتعلق بالآبار والثقوب المائية التي تشكل خطرا على حياة المواطنين.
وأعطى عامل الإقليم تعليماته لجميع السلطات والمصالح المختصة من أجل تطبيق المساطر القانونية فيما يتعلق بحفر الآبار والثقوب المائية، خصوصا فيما يعلق بالتراخيص، وعدم التساهل مع أي أحد للقيام بأشغال الحفر بدون ترخيص.