حذرت دراسة -أعدها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب- من مخاطر الدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع حزب الله، مؤكدة أن بقاء إسرائيل بوصفها قوة إقليمية أصبح موضع شك وصورتها كدولة قوية عسكريا تتلاشى.
الحرب مع لبنان كارثية
وشكك اللواء احتياط تامير هيمان رئيس المعهد والرئيس السابق المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) -في مقال يلخص الدراسة- في جدوى توسيع إسرائيل الحرب في لبنان، قائلا إن “التحرك في الشمال قبل حسم الحرب في غزة أمر غير مرغوب، وقد يؤدي إلى تشتيت الجهود وإلى حرب استنزاف طويلة”.
وأكد أن الحرب في غزة تسببت في أن تواجه إسرائيل تهديدا بعزلة دولية واسعة، بعد أن بات الكثير في الساحة الدولية ينظرون إليها على غرار روسيا بوصفها الجانب العدواني والعنيف.
وأضاف هيمان أن حزب الله لديه البنية التحتية والقدرات العسكرية لخوض حرب طويلة جداً ربما تستمر عدة أشهر، يُلحق خلالها أضراراً جسيمة بإسرائيل، الأمر الذي سيؤثر على استمرارية العمل والاقتصاد وقدرة أي إسرائيلي على القيام بعمل ما.
وتتوقع الدراسة أن يطلق حزب الله آلاف الصواريخ والقذائف بشكل يومي ولفترة طويلة في حال اندلاع حرب شاملة، لافتا إلى أنه لن يكون بالإمكان اعتراضها كلها، خصوصًا وأنها ستطلق من مناطق أخرى بينها إيران والعراق وسوريا واليمن، وهذا خطر عسكري ومدني لم تشهد إسرائيل مثيلا له.
وفي حال أصرت الحكومة الإسرائيلية على الدخول في حرب شاملة مع حزب الله، قال هيمان إن “عليها أن تحدد بشكل واضح كيف ستنتهي، وأن تتعلم من دروس الحرب في غزة، والتي تم التخطيط لها باعتبارها حربا طويلة، وهذا يتعارض مع مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي”.
واقترحت الدراسة الإسرائيلية التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، وإطلاق المحتجزين وفقاً لخطة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأمر الذي سيتيح وقف النار في الشمال، وتعزيز فرص التوصل لتسوية سياسية مع حزب الله بوساطة دولية.
وأردف قائلا “أما إذا اندلعت حرب شاملة ضد حزب الله، فمن الأفضل لإسرائيل أن تخوضها وتصممها، بحيث تكون قصيرة ومحدودة إقليمياً بقدر الإمكان، على أمل أن تتسبب بأقل قدر من الضرر المادي والمعنوي بالجبهة الداخلية الإسرائيلية”.
وشدد على ضرورة إشراك الجمهور الإسرائيلي بأهداف الحرب، وكذلك المخاطر التي تنتظرهم، والاستعدادات اللازمة لمثل هذه الحرب، وتنسيق التوقعات معهم، مؤكدا أنه حتى الآن، لم يتم اتخاذ أيّ خطوات في اتجاه إعداد الجمهور لهذا السيناريو.
وفي الأسابيع الأخيرة، زادت حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة، لا سيما مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أسبوع المصادقة على خطط عملياتية لـ”هجوم واسع” على جنوب لبنان.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان -أبرزها حزب الله- قصفا يوميا مع الجيش الإسرائيلي عبر “الخط الأزرق” الفاصل، خلّف المئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
ويرهن حزب الله وقف القصف بإنهاء إسرائيل حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أسفر عن أكثر من 124 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.