بدأت المرافعات الختامية في محاكمة ترامب التاريخية ، الرئيس الأميركي السابق بشأن الأموال غير المشروعة اليوم الثلاثاء في قاعة محكمة في مانهاتن، مما أعطى المدعين العامين ومحامي الدفاع فرصة أخيرة لإقناع هيئة المحلفين بقضاياهم قبل بدء المداولات.
محاكمة ترامب التاريخية
وسيتولى المحلفون مهمة غير مسبوقة تتمثل في تحديد ما إذا كان سيتم إدانة ترامب بتهم جنائية تتعلق بدفع أموال سرية مرتبطة بمخطط مزعوم لشراء ودفن قصص كان من شأنها تدمير حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية عام 2016، التي فاز فيها على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وقال تود بلانش محامي ترامب -خلال المرافعات الختامية اليوم- إن موكله “بريء ولم ينتهك القانون”.
ومن المتوقع أن تستمر المرافعات طوال اليوم، وستمنح المحامين فرصة أخيرة لمخاطبة هيئة المحلفين، وتسجيل النقاط النهائية مع اللجنة قبل أن تبدأ في مناقشة مصير أول رئيس أميركي سابق متهم بارتكاب جرائم جنائية.
وبعد تقديم المرافعات الختامية، سيقوم القاضي بإرشاد هيئة المحلفين، غدا الأربعاء على الأرجح، بشأن القانون الذي يحكم القضية، والعوامل التي يمكن أن تأخذها اللجنة في الاعتبار أثناء المداولات. وستستمر تلك المداولات بعد ذلك سرا.
وتتركز القضية على مبلغ 130 ألف دولار دفعه مايكل كوهين محامي ترامب السابق لشراء صمت ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز في الأيام الأخيرة من انتخابات عام 2016، لمنعها من نشر قصتها عن لقاء جنسي تقول إنها خاضته مع ترامب قبل 10 سنوات في جناح فندق في بحيرة تاهو، ونفى ترامب رواية دانييلز، واتهمها محاميه باختلاق هذه التهمة.
وعندما قام ترامب بسداد المبلغ لكوهين، تم تسجيل المدفوعات على أنها مقابل خدمات قانونية، والتي يقول المدعون إنها كانت مصممة لإخفاء الغرض الحقيقي من الصفقة مع دانييلز والتدخل بشكل غير قانوني في انتخابات عام 2016، التي هزم فيها ترامب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ويؤكد محامو ترامب أن هذه المدفوعات كانت مشروعة مقابل خدمات قانونية فعلية، ويقولون إن شهرته، خاصة خلال الحملة الانتخابية، جعلته هدفًا للابتزاز.
وأشار بلانش -أثناء تقديم عرض أمام المحلفين- إلى رسائل البريد الإلكتروني والشهادات التي تظهر أن كوهين عمل بالفعل في بعض المسائل القانونية لصالح ترامب في ذلك العام. وبينما وصف كوهين هذا العمل بأنه “ضئيل للغاية”، جادل بلانش بخلاف ذلك.
وكانت دانييلز من بين ما يقرب من 20 شاهدا، ووصفت بتفاصيل واضحة في بعض الأحيان اللقاء الذي قالت إنها أجرته مع ترامب.
كما شهد ديفيد بيكر، الناشر السابق لصحيفة “ناشيونال إنكواير”، بأنه استخدم مؤسسته الإعلامية لحماية ترامب من خلال حجب القصص التي يمكن أن تضر بحملته، بما في ذلك عن طريق دفع 150 ألف دولار لعارضة أزياء سابقة في مجلة “بلاي بوي” لمنعها من الظهور علنا وادعاء أنها كانت على علاقة غرامية مع ترامب لمدة عام كامل.
أما كوهين فشهد بأن ترامب كان متورطا بشكل وثيق في مناقشات الأموال السرية، ونقل عن ترامب قوله له “فقط ادفعها”، لكن فريق الدفاع عن ترامب خصص الجزء الأكبر من استجواباتهم للتشكيك في مصداقية كوهين، مشيرين إلى أنه أقر بأنه كذب على الكونغرس وقضى وقتا في السجن بتهم الاحتيال الضريبي.
ومن المتوقع أن يذكر ممثلو الادعاء المحلفين بالبيانات المصرفية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الأدلة الوثائقية التي شاهدوها، بالإضافة إلى تسجيل صوتي يمكن من خلاله سماع كوهين وترامب وهما يناقشان الصفقة.
ويواجه ترامب 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية، وهي اتهامات يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 4 سنوات. وقد دفع بأنه غير مذنب ونفى ارتكاب أي مخالفات. ومن غير الواضح ما إذا كان المدعون سيطالبون بالسجن في حالة الإدانة، أو ما إذا كان القاضي سيفرض هذه العقوبة إذا طلب منه ذلك.
وفي حال إدانته، يواجه ترامب حكما بالسجن لمدة تصل إلى 4 سنوات عن كل من الاتهامات الـ 34، لكن خبراء قانونيين يستبعدون سجنه على اعتباره مدانا لأول مرة.
ولن تمنع الإدانة ترامب من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل كمنافس للرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن.
ويتطلب صدور حكم بشأن إن كان مذنبا أم لا إجماعا. ومن شأن رفض شخص واحد في هيئة المحلفين النتيجة أن يمنع صدور قرار من هيئة المحلفين، مما يعني بالتالي أن المحاكمة باطلة.
وكما كان متوقعا، اختار ترامب عدم الإدلاء بشهادته، في خطوة كان من شأنها أن تعرضه لمخاطر قانونية وجلسات استجواب لا داعي لها. وأُجبر بدلا من ذلك على الجلوس والاستماع بينما روت دانييلز تفاصيل علاقتهما المفترضة.
وفي تصريحاته للصحفيين قبل وبعد كل يوم في المحكمة، يهاجم ترامب القاضي خوان ميرتشان ويصفه بـ “بالفاسد المستبد”، ودان المحاكمة بأكملها واعتبرها “تدخلا في الانتخابات من قبل الديمقراطيين”، مدعيا أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لمنعه من التركيز على حملته.
وتجسد البعد السياسي للقضية بشكل جلي في الأيام الأخيرة عندما حضرت مجموعة من كبار الشخصيات الجمهورية إلى المحكمة، بينهم عدد من المرشحين لمنصب نائب الرئيس، ووقفوا خلف ترامب تعبيرا عن الدعم له أثناء تحدّثه إلى الصحفيين.
وإضافة إلى قضية نيويورك، يواجه ترامب اتهامات في واشنطن وجورجيا للاشتباه بسعيه لتغيير نتائج انتخابات عام 2020. كما أنه يواجه اتهامات في فلوريدا بشبهة سوء التعامل مع وثائق سرية بعدما غادر البيت الأبيض. ولا يتوقع بأن تجرى أي من هذه المحاكمات قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.