رغم صورتها الرائعة على بطاقة بريدية في كاليفورنيا، أصبحت “مدينة الملائكة” (لوس أنجلوس) منطقة تفرض فيها العصابات قوانينها، وأغلب القصص فيها تبدو حزينة ومتشابهة، وتتعلق كلها بالمخدرات والعنف والأسلحة والسجن عند سردها على ألسنة من يرغبون في الخروج من دائرة القتل والانتحار من أبنائها أمام الأب غريغوريس؛ رجل الكنيسة الذي يعمل منذ ما يقرب من 30 عاما في الأحياء الصعبة لمساعدتهم.
لوس أنجلوس
بهذه الجمل لخصت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية تقريرا بقلم نجاة شريقي، حاولت فيه أن تصور الجانب المظلم لمدينة لوس أنجلوس الأميركية عبر قصص التائبين الذين يلجؤون إلى مكتب الأب غريغوريس من أعضاء العصابات العنيفة جدا، بعد أن اتخذوا قرارا بتغيير حياتهم.
يقع مكتب غريغوريوس -المسمى “هومبوي إندستريز”- في الحي التجاري (وسط مدينة لوس أنجلوس)، ويعمل تحت شعار “الأمل له عنوان”، وهو كلمة الترحيب بمن يمرون من باب “ملاذ السلام” هذا، حيث يستمع رجل الكنيسة باهتمام لكل من يأتي للتحدث معه، رغم أن المكان ليس كنيسة، والذين يترددون عليه ليسوا من المنشدين في الحفلات الدينية.
في هذا المكان -حسب الكاتبة- لا يحاكم أحد، بل يلقى التعاطف والتفهم والتواصل، خاصة أن جميع من يعملون في مجال إعادة التأهيل أعضاء سابقون في العصابات، وفي بعض الأحيان لديهم سجل إجرامي ثقيل للغاية، ولكنه أيضا يمكن تخمين أسفهم في طريقتهم الخاصة بالترحيب بالمرشحين الجدد للخلاص، وفي الاهتمام البالغ بهم والسؤال عن حالهم والعمل لمساعدتهم.
“ملاذ السلام” هذا مكان لإعادة بناء الأجساد والأرواح، فيه العنف محظور والأسلحة ممنوعة، إنه منطقة محايدة، يلتقي فيها أعضاء العصابات المتنافسة ممن يجب أن يقتل بعضهم بعضا حسب قواعد الشارع، فيتحدثون ويتبادلون التحية والاحترام، ويتكلمون بحرية عن دوامة العنف والإدمان، وأيضا عن الحب والتضامن، وهما الركيزتان اللتان يعتمد عليهما الأب غريغوريس في القيام بعمله.
في مؤسسة غريغوريس -التي أسسها في أواخر الثمانينيات في أخطر أحياء المدينة- يتم توفير كل شيء بالمجان لفتح الباب أمام حياة جديدة، حيث يعمل 4 محامين وفرقهم على المساعدة القانونية، ويتناوب الأطباء المتطوعون كل يوم على إزالة الوشم الذي يشير إلى عضوية العصابة، وتقدم المنظمة التدريب المهني والوظائف أيضا، وجلسات العلاج الجماعي لمدمني “المخدرات والكحول المجهولين” و”رجال العصابات والمجرمين المجهولين”.