شارك المئات من المسلمين الأميركيين في صلاة الجنازة على الطفل الأميركي من أصول فلسطينية وديع الفيومي (6 سنوات)، الذي لقي حتفه صباح السبت الماضي، في أول جريمة كراهية تشهدها الولايات المتحدة على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودُفن الطفل بعد إقامة صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر أمس الاثنين، بمسجد في بريدج فيو بشيكاغو.
وديع الفيومي
وتمثل جريمة قتل الطفل وديع قمة جبل جليد تزايد جرائم الكراهية، والمضايقات التي تواجها الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة منذ بدء عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وقالت إدارة الشرطة، إن “المحققين تمكنوا من تحديد أن كلا الضحيتين في هذا الهجوم الوحشي استُهدفا من المشتبه به بسبب كونهما مسلمين، وبسبب الصراع المستمر في الشرق الأوسط بين حماس والإسرائيليين”.
وفي حديث للجزيرة نت، يرى المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) نهاد عوض، أن ما يتعرض له المسلمون الأميركيون اليوم، أكثر خطورة مما تعرضوا له عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، مرجعا ذلك إلى تبني الرئيس جو بايدن والإعلام الأميركي الادعاءات الإسرائيلية بشأن الأحداث، ويبدو أن التغطية الإعلامية جعلت مالك المنزل غاضبا ومشحونا من الأخبار، التي ركزت على الأكاذيب التي كُشِف لاحقا عن بطلانها وعدم صحتها.
ودعت منظمة كير سلطات إنفاذ القانون إلى التحقيق في رسائل تهديد تصل لبعض أفرع المنظمة في العديد من الولايات، وعلى سبيل المثال: تلقت الجمعية الإسلامية في بورتلاند الكبرى بولاية أريغون رسالة بالبريد الإلكتروني جاء فيها “المسلمون سيموتون على يد الموساد، فليمت المسلمون”.
وقال مدير الاتصالات بكير السيد إبراهيم هوبر، “نعتقد أن هذه الموجة الحالية من الحوادث المعادية للمسلمين والفلسطينيين التي نشهدها في جميع أنحاء البلاد، هي نتيجة لتجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته المستمرة وحرمانه من حقوق الإنسان”.
يُذكر أن مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية أصدر بيانا قبل بضعة أيام، حذر فيه من خلق أجواء معادية للمسلمين تعرض حياتهم للخطر، وقال المدير التنفيذي للمجلس بمنطقة شيكاغو أحمد رحاب، إن الطفل وديع الفيومي “ليس لديه أدنى فكرة عن هذه القضايا الكبرى التي تحدث في العالم، لكنه أُجبر على دفع ثمنها”، وأضاف “كما يقولون، أصغر التوابيت هي الأثقل”.
وتحقق وزارة العدل الأميركية في مقتل الطفل وديع الفيومي وطعن والدته حنان شاهين كونها جريمة كراهية فدرالية، وقال وزير العدل الأميركي ميريك جارلاند في بيان له، “أشعر بالحزن بسبب القتل البغيض لوديع الفيومي، وهو طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، توفي بعد طعنه 26 مرة بسكين على الطراز العسكري”.
وفي الوقت الذي لا يوجد فيه تعريف موحد للإهاب، تعرّف لوائح القانون الفدرالي الأميركي الإرهاب بأنه “الاستخدام غير القانوني للقوة والعنف ضد الأشخاص أو الممتلكات، للترهيب أو إكراه الحكومة أو المواطنين أو أي شريحة منهم، لخدمة أهداف سياسية أو اجتماعية”.
في حين يقول مكتب التحقيقات الفدرالي، إن الجريمة تصبح جريمة كراهية عندما يكون هناك عنصر إضافي من التحيز، على سبيل المثال، إذا قتل الضحية بسبب عرقه أو دينه أو توجهه الجنسي.
اتهم مالك عقار في بلدة بلينفيلد يُدعى جوزيف زوبا، بقتل الطفل وطعن والدته لأنهما مسلمان، ووجهت محكمة مقاطعة ويل بولاية ألينوي تهما عدة له: تهمة واحدة بالشروع في القتل من الدرجة الأولى، وتهمتين بالضرب المشدد، وتهمتين بجرائم الكراهية، وفتحت وزارة العدل تحقيقا فدراليا في القضية، كما يبحث مكتب التحقيقات الفدرالي الآن في توجيه تهم جرائم الكراهية الفدرالية.
وخلال أول مثول له أمام المحكمة -أمس الاثنين-، رفض قاض في مقاطعة ويل الإفراج عن زوبا قبل المحاكمة، بعد أن جادل ممثلو الادعاء بأنه يشكل خطرا على كل من والدة الصبي وعامة الناس، كما استجوب المحققون زوجة زوبا، التي قالت، إنه كان دائم الاستماع لبرامج الإذاعة الحوارية المحافظة، وكان مهتما بشدة بالصراع في الشرق الأوسط.
خدم المتهم لسنوات في القوات الجوية الأميركية، ويعدّ من قدامي المحاربين الذين يتمتعون بمميزات مادية جيدة، وسُرّح من الخدمة ونال شهادة حسن سير وسلوك، كما أنه يمتلك عقارات عدة في منطقة بلينفيلد، وكان منتميا لكنيسة سانت ماري الكاثوليكية، ولديه مشكلات صحية مستمرة؛ بسبب إصابته بسرطان البروستاتا.
أصدر الرئيس جو بايدن بيانا مساء الأحد الماضي، أدان فيه الهجوم، قائلا “نحن الأميركيين، يجب أن نتحد ونرفض (الإسلاموفوبيا) وجميع أشكال التعصب والكراهية، لقد قلت مرارا وتكرارا، إنني لن أسكت في وجه الكراهية، يجب أن نكون واضحين، لا يوجد مكان في أميركا للكراهية ضد أي شخص”.
وقدم عمدة شيكاغو براندون جونسون تعازيه في بيان صدر صباح أمس الاثنين، قائلا، “لقد دمرني مقتل طفل أميركي فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات، نحن نشارك الحزن إلى جانب عائلته والجالية المسلمة والعربية والفلسطينية في ولايتنا”.
وتابع جونسون، “إن جريمة الكراهية الخسيسة هذه هي تذكير مخجل بالدور المدمر الذي تلعبه الإسلاموفوبيا في مجتمعنا”.
وأصدر حاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر، بيانا وصف فيه الهجوم بأنه “ليس أقل من الشر”.
وجاء في البيان “لم تكن هذه مجرد جريمة قتل، لقد كانت جريمة كراهية، وكل واحد من سكان إلينوي، بما في ذلك جيراننا من المسلمين واليهود والفلسطينيين، يستحقون أن يعيشوا في مأمن من تهديد مثل هذا الشر، أنا وأعضاء مجلس الولاية ننضم اليوم إلى إخواننا وأخواتنا المسلمين والفلسطينيين في الحداد على هذه الخسارة المأساوية، والصلاة من أجل شفاء والدة وديع”.