نضال فرحات مقاوم فلسطيني وقائد عسكري في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عرف في كتيبته بـ”مهندس الصواريخ” لكونه أول من صنع صاروخ “القسام”، عاش حياته مقاوما للاحتلال الإسرائيلي عبر مشاركته في عمليات عدة نفذتها الكتائب، وأشرف على عمليات استشهادية، وساهم في تطوير صناعة الصواريخ والقذائف.
نضال فرحات
استشهد يوم الأحد 16 فبراير/شباط 2002 عن عمر يناهز 31 عاما، بسبب طائرة ملغمة كان يعمل على تجريبها بعد حصوله عليها من مورّد سلاح في أراضي الـ48.
ولد نضال فتحي فرحات يوم 8 أبريل/نيسان 1971 في حي الشجاعية بغزة، وهو ابن الداعية والسياسية مريم محيسن (فرحات) الشهيرة بـ”خنساء فلسطين” و”أم الشهداء”، والتي كانت نائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني، ووالده فتحي فرحات، وهو شرطي سابق.
نشأ في أسرة مكونة من 5 إخوة ذكور و4 أخوات، وهن إيمان وإنعام وإلهام وإيناس، وهو شقيق محمد فرحات منفذ عملية “عتصمونا” الاستشهادية (2002)، والشهيد رواد فرحات (2005) والشهيد الأسير المحرر وسام فرحات (2023)، والأسير حسام ومؤمن فرحات من حرس الشهيد الشيخ أحمد ياسين.
كان والده يصحبه منذ طفولته هو وإخوته إلى مسجد الإصلاح في حي الشجاعية، وكان يداوم على حضور جلسات العلم والوعظ وحلقات القرآن الكريم.
قضى نضال نحو 4 سنوات في ليبيا بعدما سافر برفقة أسرته وهو في سن لا يتجاوز 12 سنة، لتعود الأسرة بعدها إلى قطاع غزة مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987.
ترعرع في منزل كان محضنا للمقاومين والمطاردين من قوات الاحتلال الإسرائيلي ومركزا لتنفيذ العمليات العسكرية ضدها، كان أكثر إخوته غيابا عن البيت وأكثرهم صمتا وإصرارا، ورث عن أمه رقة الطبع وسلاسة الكلمات والنفور من الجدل.
تزوج نضال بفتاة من حيه تنتمي إلى عائلة الشيخ خليل، وأنجب منها 5 أبناء (ولد و4 بنات)، فسمى ابنه عماد تيمنا باسم قائده الشهيد عماد عقل، فأصبح يكنى بـ”أبو عماد”.
أنهى نضال تعليمه الثانوي في مدارس حيه بالشجاعية، وبعدها التحق بالجامعة الإسلامية في غزة.
بدأ في توجيه اهتمامه نحو الالتحاق بصفوف المقاومة بشكل أكبر وأعمق خلال المرحلة الجامعية، كان هذا المسار قد غُرست بذوره الأولى في المرحلتين الابتدائية والإعدادية ونما خلال المرحلة الثانوية.
شارك نضال في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 برفقة إخوته بتشجيع من والدتهم، وخلال هذه الفترة تعرّف على مجموعة من الشباب وكان يرافقهم إلى المسجد، فأصبح عضوا في حركة حماس.
انضم إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام يوم 5 فبراير/شباط 1993، وأشرف على عدد من العمليات الاستشهادية، منها إرساله شقيقه محمد فرحات لتنفيذ عملية في مستوطنة “عتصمونا” يوم 16 أبريل/نيسان 2002، والتي أسفرت عن مقتل 9 جنود إسرائيليين.
ومن المهام التي شغلها أيضا سهره على إيواء ونقل وتوفير البيوت الآمنة للمقاومين، وقد عمل لفترة سائقا شخصيا للشهيد عماد عقل.
كما شارك في معظم عمليات إطلاق قذائف الهاون و”القسام 1″ و”القسام 2″ على المستوطنات الإسرائيلية، وكان من أبرز هذه العمليات قصف مستوطنة سديروت بـ5 صواريخ من طراز “القسام 1″، والتي أدت إلى إصابة 5 إسرائيليين، وذلك يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001.
توقف عن المشاركة في عمليات القصف بأمر من الشيخ صلاح شحادة الذي طلب منه التفرغ لتطوير صناعة الصواريخ.
تأثر كثيرا بعماد عقل، لدرجة أنه طلب في وصيته أن يدفن بالمقبرة نفسها التي دفن فيها عقل الذي كان يتخذ من بيت نضال مأوى عام 1992 إلى أن استشهد فيه على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1993 بعدما حاصره ما يزيد على 200 جندي إسرائيلي.
وتذكر أم نضال خنساء فلسطين كيف أن ابنها كان يقبّل أيدي شباب القسام الذين يفجرون الدبابات.
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي نضال مرات عدة في كل من سجن “أنصار 2″ و”كتسبعوت” وعسقلان، والتي بلغت في مجموعها 5 سنوات، كما اعتقلته السلطة الفلسطينية 3 مرات، وذلك بهدف منعه من إطلاق الصواريخ.
اقتحم الجيش الإسرائيلي منزله ودمره قبل اعتقاله عام 1993 ليحكم عليه بـ3 سنوات بتهمة الانتماء إلى حركة حماس وحيازة أسلحة وإيواء مطلوبين.
نضال -الذي أطلق على نفسه لقب “الحصان الجموح”- كان له دور بارز في صناعة وتطوير صواريخ كتائب عز الدين القسام، إذ تنسب إليه صناعة أول صاروخ للمقاومة أطلق عليه اسم “القسام 1” عام 2001.
بعد ذلك طوّر هذا الصاروخ بنسخة “القسام 2” بالتعاون مع رفيقه “تيتو مسعود” الذي نفذ معه عددا من العمليات الجهادية، سواء بالصاروخ القسامي أو قذائف الهاون.
عندما قرر نضال صنع الصاروخ الأول توجه برفقة مسعود إلى الشيخ أحمد ياسين لاستشارته في الأمر فأقره عليه، وبعد صناعة صاروخه الأول حمله إلى أمه التي قرأت عليه القرآن الكريم، كما توجه به إلى الشيخ صلاح شحادة ليطلعه على اختراعه الجديد وهو يحمله في كيس وركبّه أمامه فأثنى الشيخ صلاح على صنيعه.
نقل نضال تجربته في صناعة صواريخ القسام إلى الضفة الغربية المحتلة، وكان أول من أدخل صاروخ القسام هناك، حيث عمل على تعليم رفاقه كيفية صناعة صاروخ القسام وصناعة المتفجرات عبر إمدادهم بالرسوم التوضيحية والخرائط التفصيلية المتعلقة بذلك.
في 16 فبراير/شباط 2003 اغتاله الاحتلال الإسرائيلي بمنزل في حي الزيتون بغزة بعدما كان يجرب طائرة صغيرة تعمل عن بعد كان قد جلب أجزاءها من أراضي الـ48، فقضى مع 5 من رفاقه، وأطلقت كتائب القسام لاحقا على تلك المسيّرة اسم “أبابيل”.
قبل استشهاده أصر نضال على أن يقوم وحده بجمع قطع الطائرة وفقا لإرشادات مرسلها على الهاتف المحمول، في وقت كانت فيه طائرة مراقبة إسرائيلية تجوب المنطقة وبعدها بلحظات حدث انفجار بفعل عبوة ناسفة.
شارك في جنازته أكثر من 50 ألف فلسطيني، وفي مقدمتهم عدد من قادة حركة حماس، ومنهم الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية.
دفن نضال في المقبرة الشرقية “مقبرة الشهداء” بناء على وصيته، وهي المقبرة التي دفن فيها شقيقه محمد وصديقه عماد عقل.