تطوير حقول غزة النفطية.. هل اقترب الحلم المؤجل منذ 20 عاما من التحقق؟

لا يزال سكان قطاع غزة، وبعد مُضي أكثر من 23 عاما، يتذكرون الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وهو يعطي بيده إشارة البدء في أعمال حفر أول بئر فلسطيني لإنتاج الغاز قبالة شواطئ القطاع. كان ذلك بعد ظهيرة يوم 28 سبتمبر/أيلول عام 2000، حينها ركب “أبو عمار” قاربا بحريا مزينا بالأعلام الفلسطينية وأبحر مسافة 19 ميلا نحو موقع التنقيب، وفي لحظة شديدة الحماس اعتلى الرئيس بصحبة “هيو ميلر”، رئيس شركة “بريتيش غاز” البريطانية، التي كانت ستتولى أعمال التنقيب، برج القارب ثم هاتف عبر جهاز لا سلكي الأطقم الفنية القريبة من منصة الحقل وأشار قائلا: “ابدأوا على بركة الله”.

غزة

لكن رغم حماسية تلك اللحظة ومرور كل تلك السنوات، لم يُستخرَج أي غاز من هذه المنطقة، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى إصرار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 2000 على رفض جميع خطط تطوير الحقل لبدء الاستثمار فيه، فإضافة إلى مطامع الاحتلال القائمة حتى يومنا هذا بدمج حقول الغاز في غزة مع المنشآت البحرية المجاورة التي تسيطر عليها، تعلن إسرائيل مرارا رفضها در أي أموال على الفلسطينيين -وبالأخص حركة حماس- من تشغيل الحقل.

لكن في السنوات الأخيرة، بدأت مصر التي لعبت دورا رئيسيا في التوسط في اتفاقات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بالسعي الجاد نحو إيجاد مخرج لحل أزمة حقول الغاز في غزة، يأتي ذلك بالتزامن مع تغير توجهات دولة الاحتلال، وتفكيرها في إمكانية السماح ببيع غاز القطاع المحاصر لأسباب مختلفة.

على شواطئ ساحل الجيب الصغير المحاصر منذ عام 2007، يرى الناظر لمياه بحر قطاع غزة منصة أول حقل اكتُشف في مياه شرق المتوسط نهاية تسعينيات القرن الماضي (1999)، وهو حقل غاز مارين (1) الرئيسي الذي كان اكتشافه دافعا لدول حوض البحر المتوسط الشرقية لتكثيف عمليات التنقيب التي أثمرت بالفعل عن اكتشافات هائلة في مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي. بعدها، اكتشفت شركة “بريتش غاز” (BG) البريطانية التي كانت تتولى التطوير رسميا حقلا آخر هو مارين (2) أو “الحقل الحدودي” الذي يمتد على المنطقة الحدودية البحرية بين غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويبعد الحقلان نحو 36 كيلومترا قبالة ساحل قطاع غزة (شرق البحر الأبيض المتوسط).

أحيت إمدادات الغاز المكتشف التي قُدِّرت -مبدئيا- بنحو 1.4 تريليون قدم مكعب آمالا كبيرة لدى الفلسطينيين، الذين اعتقدوا آنذاك أنهم خطوا أولى خطواتهم نحو حلم استقلال الطاقة الفلسطينية والاستغناء عن الإنفاق على الكهرباء والوقود المنزلي الذي يستوردونه من دولة الاحتلال، فالكمية المتوقعة تكفي لتلبية احتياجاتهم لمدة 15 سنة، مع وجود إمكانية لتصدير فائض الغاز، والاستفادة من العائدات المادية لذلك.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *