رفض الشاب المقدسي رمزي العباسي التوقيع على قرار إبعاده عن المسجد الأقصى والذي تسلمه في الرابع من الشهر الجاري، بزعم “الخشية من الإخلال بالنظام العام” في هذا المقدس، وهي التهمة التي وجّهت له أثناء التحقيق معه لمدة خمس دقائق فقط، رغم توقيفه لمدة 18 ساعة.
إبعادات عن المسجد الأقصى
كتب العباسي في خانة الملاحظات بالقرار أن هذا الإبعاد “ظالم وقسري وغير قانوني”، ورغم ذلك أُبلغ أن عليه استلام قرار جديد بإبعاده عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر في الحادي عشر من الشهر الجاري بعد تسلمه قرار إبعاده عنه لمدة أسبوع.
في حديثه للجزيرة نت، قال العباسي إن الإبعاد الذي تسلمه هو إبعاد إداري لا يمكنه الاعتراض عليه أو تقليص مدته. وأضاف أن الشرطة ادّعت أنه جاء على خلفية نعي خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري الراحل إسماعيل هنية من على منبر الأقصى يوم الجمعة الماضي.
“بُعيد هذا النعي تحرّك الإعلام الإسرائيلي بشكل كبير وتم التحريض على كلمات الشيخ، ويبدو أن المخابرات قررت اختيار وجوه معينة تم اعتقالها سابقا لملاحقتها، فتم تحرير 5 مذكرات اعتقال بحق مقدسيين على رأسهم عكرمة صبري”، يقول العباسي.
وفي تعليقه على قرار الإبعاد، قال “هذا أغرب قرار إبعاد يمرّ بي.. فعليا نحن لم نفعل شيئا.. سألونا ماذا حصل يوم الجمعة، واتهمونا بأننا رددنا هتافات من أجل إسماعيل هنيّة، وسألونا هل رددنا التكبير”.
لكن العباسي يؤكد أن قرار الإبعاد عن المسجد الأقصى، والذي تسلمه وثمانية مقدسيين آخرين منذ بداية الشهر، “يندرج أيضا في إطار حملة الإبعادات الاحترازية التي تُنفذها سلطات الاحتلال قُبيل حلول ذكرى ما يسمى خراب الهيكل” كل عام.
ويدّعي اليهود أن البابليين دمروا “الهيكل الأول” عام 586 قبل الميلاد، وأن الرومان دمروا “الهيكل الثاني” عام 70 للميلاد، وبالتالي يجب تلاوة نصوص من “سِفر المراثي” يوم 9 أغسطس/آب حسب التقويم العبري من كل عام داخل الكنس، والذي يوافق الثلاثاء القادم 13 أغسطس/آب الجاري، وفق التقويم الميلادي.
وتتناول هذه المرويات “احتلال البابليين القدس وتهجير اليهود من بلادهم إلى أرض بابل حيث مكثوا 70 عاما، حتى أذن لهم ملك فارس كورش بالعودة إلى ديارهم وإقامة الهيكل الثاني الذي دمره الرومان لاحقا”.
ويصر المتطرفون على اقتحام المسجد الأقصى المبارك في هذه المناسبة، ويرفضون إحياءها في كنسهم فقط، وينفذون خلال اقتحامهم سلسلة من الانتهاكات، وبلغ عدد من اقتحم المسجد بهذه المناسبة العام الماضي 2180 متطرفا ومتطرفة، وفي عام 2022 اقتحم ساحات أولى القبلتين 2201 من المتطرفين.
المحامي المختص في قضايا القدس خالد زبارقة قال للجزيرة نت إن حملة الاعتقالات والإبعادات التي تنفذها السلطات الإسرائيلية قُبيل حلول كل مناسبة يهودية في القدس أهدافها سياسية، وترمي بالأساس لفرض الهوية الدينية اليهودية على المسجد الأقصى.
“هذه الحملة بعيدة كل البعد عن القانون، وتوظف من أجلها الأدوات القانونية لتمرير أجندات سياسية، وهذا لا يمت للقانون بأي صلة”، وفق زبارقة.
واليوم صدر قرار بمنع الشيخ عكرمة صبري من دخول المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر بعد قرار إبعاد سابق لمدة أسبوع، حسب زبارقة.
وأشار إلى أن الأصل أن يدخل المسلمون إلى الأقصى بكل أريحية ودون أي معيقات، لكن بما أن شرطة الاحتلال أخذت على عاتقها بالتعاون مع كل أجهزة الأمن الأخرى فرض اقتحامات يهودية على الأقصى خاصة في المناسبات الدينية بقوة السلاح والبطش والملاحقة، فإن “هذا بحد ذاته إجراء تعسفي لأنه يسلب المقدسيين حقهم في الحركة أولا، وفي العبادة والوصول للأماكن المقدسة ثانيا”.
وعن دور المحامين في متابعة قرارات الإبعاد التي تصدر بحق أهالي القدس، أشار زبارقة إلى أن كافة المحامين يلتزمون بالفتوى الشرعية التي أصدرتها الهيئة الإسلامية العليا في القدس في بداية تأسيسها والتي تُحرّم التوجه لجهاز القضاء الإسرائيلي في كل ما يخص المقدسات الإسلامية بما فيها المسجد الأقصى.
ووصف الفتوى بالسليمة التي اتضحت أهميتها مع مرور السنوات، إذ وجد المحامون أن “هذا هو التصرف الصحيح مع جهاز القضاء الإسرائيلي لأنه ليس نزيها، بل منحازا للأجندة اليهودية والسياسات التهويدية”.
وبالإضافة إلى الالتزام بالفتوى، فإن المحامي المختص في قضايا القدس أكد أن التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية بمثل هذه القضايا لا يجدي ولا يغير شيئا، وبالتالي الأفضل الالتزام بالموقف المبدئي الذي يرفض التوجه للقضاء الإسرائيلي، “وعدم وضع قضية حقنا في العبادة والوصول للأقصى على مشرحة القضاء الإسرائيلي خاصة أن الاحتلال يبحث عن شرعية له على المسجد عبر التقاضي في جهازه القضائي”.