بعيون حائرة مصدومة، يتلفت يمينا ويسارا، لا يريد أن يرانا أو أن يرى أحدا، هذا حال محمد، الطفل صاحب الثلاثة أعوام، لم ينطق بكلمة واحدة منذ أن قُصف منزله في غزة ، وفقد أمه وشقيقته الوحيدة، ولم يتبق له سوى والده الذي لا يريد أن يغيب عنه للحظة واحدة.
غزة
محمد ليس الوحيد في هذه الحالة ممن تعرضوا لوحشية وبشاعة الحرب الحالية على غزة، مهند هو الآخر بقي تحت الأنقاض 3 أيام لم يرَ فيها بقعة ضوء، ومن ثم خرج مبتور القدم، فاقدا لجميع أفراد أسرته وأولاد عمّه، كما قالت لنا جدته
أما ريتال، الطفلة ذات الـ12 عاما والمتفوقة الأولى على مدرستها، لم تستوعب ما جرى لها من كسور في قدمها ومن فقد لإخوتها، وبنبرة حزينة تكاد لا تسمع تقول “أخي أمير استشهد، وأخي يوسف استشهد، ما ضل أحد ألعب معاه، رجلي كل يوم بتوجعني (تؤلمني)، وما بعرف أمشي وحتى أمسك الكتب، اقرأ ما بعرف”.
وفي السياق نفسه، تقول الاختصاصية النفسية كفاية بركة للجزيرة نت “في كل يوم نعالج أكثر من 60 حالة من الأطفال والشباب وكبار السن، ممن يعانون من أزمات نفسية نتيجة الحرب والعدوان على غزة”
وأضافت بركة “نعمل ضمن خطة الطوارئ التي أعلنت عنها وزارة الصحة منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، نحاول معالجة من تعرضوا لأحداث صادمة ومروعة خلال القصف، سواء ممن كانوا ببيوتهم وتعرضوا للقصف، أو ممن نزحوا على طريق صلاح الدين من شمال غزة إلى الجنوب، حيث إنهم شاهدوا الجثث على الطريق وعمليات قنص واغتيال للنازحين أمام أعينهم، الأمر الذي جعل لديهم أزمات نفسية خطيرة خاصة الأطفال منهم”