غادر تليسكوب جيمس ويب الذي كلف بناؤه 10 مليارات دولار الأرض متوجهاً إلى الفضاء في مهمة لاستكشاف النجوم الأولى التي أضاءت الكون.

حُمل التليسكوب إلى الفضاء على متن صاروخ “أريان” من قاعدة كورو لإطلاق المركبات الفضائية في غيانا الفرنسية.

واستغرقت رحلة الوصول إلى المدار حول الأرض أقل من نصف ساعة، حيث التقطت إشارة النجاح بالوصول إلى الهدف بواسطة هوائي أرضي في ماليندي بكينيا.

وسيحل تليسكوب الفضاء ويب، الذي يحمل اسم أحد مهندسي عملية هبوط المركبة الفضائية أبوللو على القمر، محل تليسكوب هابل الذي أخرج من الخدمة.

لكن المهندسين الذين يعملون مع وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والكندية عملوا على بناء التليسكوب الجديد ليكون أقوى بمائة مرة من سلفه.

وقال روب نافياس، المتحدث باسم وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، لحظة مغادرة الصاروخ للأرض إن “تليسكوب جيمس ويب بإنطلاقه من غابة استوائية مطيرة إلى حافة الزمن نفسه، يبدأ رحلة عودته إلى ميلاد الكون”.

انتظر العلماء والقائمون على المشروع عملية الإطلاق بفارغ الصبر لكن عملية الإطلاق رافقها أيضاً قدر كبير من القلق.

فقد عمل الآلاف من الأشخاص على مستوى العالم على المشروع خلال العقود الثلاثة الماضية، ورغم أن صاروخ أريان هو مركبة يعتمد عليها- إلا أنه لا توجد ضمانات عندما يتعلق الأمر بالصواريخ.

وقال بيل نيلسون، وهو موظف في إدارة وكالة الفضاء الأمريكية، قبل عملية الإطلاق إن “إطلاق تليسكوب ويب هو مهمة استثنائية”.

وأضاف “يعد التليسكوب مثالاً ناصعاً لما يمكن أن ننجزه عندما نحلق عالياً في أحلامنا. كنا نعلم على الدوام ان هذا المشروع سيكون جهداً محفوفاً بالمخاطر. ولكن، بالطبع عندما تريد مكافأة كبيرة، فعليك في العادة أن تأخذ مجازفة كبيرة”.

تعد المرآة الذهبية التي يبلغ عرضها 6.5 متراً في صميم قدرات التليسكوب الجديد. وهي أوسع بحوالي ثلاث مرات من المرآة العاكسة الأساسية التي كانت على تليسكوب هابل.

وستتيح العدسات المكبرة، بالإضافة إلى أربع أدوات حساسة للغاية، لعلماء الفلك النظر بصورة أعمق في الفضاء- وبالتالي العودة أكثر في الزمن- مما كان متاحاً في السابق.

وسيكون الهدف الأساسي هو حقبة النجوم الرائدة التي أنهت فترة الظلام التي يُعتقد بأنها طغت على الأجرام السماوية بعد وقت قصير من وقوع الانفجار الكوني الكبير قبل أكثر من 13.5 مليار سنة.

وربما تكون التفاعلات النووية في هذه الأجسام هي التي شكلت الذرات الثقيلة الأولى الضرورية لوجود الحياة- وهي الكربون والنيتروجين والأكسجين والفسفور والكبريت.

وسيكون الهدف الشامل الآخر للتليسكوب ويب هو سبر غور الغلاف الجوي بحثاً عن كواكب بعيدة. وهذا من شأنه أن يساعد العلماء والباحثين على معرفة ما إذا كانت هذه العوالم مأهولة بأي شكل من الأشكال.

وقالت هايدي هامل، وهي عالمة فلك كوكبي وعالمة متعددة التخصصات في المهمة: “سندخل نظاماً جديداً بالكامل من الفيزياء الفلكية، وحدود جديدة، وهذا ما يثير الحماسة لدى كثيرين منا بشأن تليسكوب الفضاء جيمس ويب”.

تعد عملية إطلاق التليسكوب مجرد بداية لما سيكون سلسلة معقدة من الأنشطة الأولية خلال الأشهر الستة القادمة.

ويوضع التليسكوب في مسار نحو محطة مراقبة تبعد حوالي 1.5 مليون كيلومتر عن الأرض.

وخلال رحلة سفره إلى هذا الموقع، سيتعين على التليسكوب أن يفك نفسه من وضعية الانثناء التي كان عليها لحظة الإطلاق.

ويشرح مارك ماك أوغرين، وهو مستشار أول للعلوم يعمل مع وكالة الفضاء الأوروبية، العملية قائلاً: “ثم إن الشيء المهم هو أن جميع الأجزاء يجب أن تبرد كثيراً”.

ويضيف قائلاً: “ستبلغ درجة حرارة هذا التليسكوب فعلياً 233 درجة مئوية تحت الصفر. وعندها فقط سيتوقف عن التوهج عند أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء فيما وراء المرئي حيث نريد لهذا التليسكوب أن يعمل. وعندها فقط سيستطيع التقاط صور حساسة للكون البعيد الذي شهد ولادة المجرات الأولى، وللكواكب التي تدور حول النجوم الأخرى. وبالتالي، فإنه لا يزال الطريق طويل أمامنا”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *