عبرت وردة الطائف، الأشهر في قوائم بتلات الورد وروائح الدهن والعطور الفاخرة، من حدود الوادي والجبل إلى قائمة التراث الثقافي العالمية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
وردة الطائف إلى قائمة اليونسكو
ويعد الورد الطائفي، الذي يسكن مرتفعات جبال الهدا ووادي محرم ووادي غزال ووادي قاوة ومرتفعاته، وبلاد طويرق، والشفا، أيقونة تراثية وتاريخًا عريقا للزينة على المستوى العالمي، ومؤثرًا حضاريا وثقافيا، إذ أسهم أهله في تطوير زراعته التقليدية وجعله الشذى الزاكي في قائمة تاريخ التراث الحضاري.
جاء ذلك خلال اجتماع أعمال الدورة الـ19 للجنة صون التراث غير المادي لليونسكو (اتفاقية 2003) المنعقد حاليا في أسونسيون عاصمة باراغواي حتى السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ويُعد الورد الطائفي عنصرًا ثقافيا واجتماعيا يرتبط بحياة سكان الطائف بالمملكة العربية السعودية، حيث تمثّل زراعته وصناعته جزءا من النشاط اليومي الذي ينعكس على الممارسات الاجتماعية والتقليدية في المنطقة، ويمتد تاريخ زراعة الورد الطائفي إلى مئات السنين، إذ يعتمد سكان الطائف على زراعته في موسم الورد السنوي، ويجتمع أفراد المجتمع في حقول الورود للمشاركة في عمليات الحصاد.وتُستخدم منتجات الورد الطائفي، وخصوصًا ماء الورد والزيوت العطرية، في المناسبات الاجتماعية والتقاليد المحلية مثل تعطير المجالس وتقديم الضيافة، مما يُبرز دورها في تعزيز الروابط الاجتماعية، كما يعد مهرجان الورد الطائفي السنوي احتفالا اجتماعيا كبيرا يجتمع خلاله السكان والزوّار للاحتفاء بهذا التراث.
يذكر أن لجنة التراث غير المادي تتكون من 24 عضوا يمثلون المجموعات الانتخابية الست في اليونسكو، ويتم انتخاب أعضائها لمدة أربع سنوات، على أن تقام انتخابات كل عامين لتجديد عضوية نصف أعضاء المجلس.ولم يكن ورد الطائف منذ نشأته غائبًا عن مجريات التاريخ لما له من عراقة وحضارة مكان، وارتبط بعلاقة وثيقة بين أبنائه، حيث أوجدت له أرض الطائف البيئة الخصبة والأنسب لتتوارث الأجيال العناية به في قطفه وتقطيره واستخراج الدهن والماء منه، مستمتعين بتاريخ عبقه في أجواء البرودة المعتدلة والطبيعة الجبلية الخلابة على قمة جبل غزوان الشهير، حتى أصبح مصدر استخدام لغسيل الكعبة المشرفة في كل عام، وللعديد من شرائح المجتمع وعلى رأسهم الملوك، وأشهر العائلات في الخليج.
وأثناء حضور الورد الطائفي ونشأته في أعالي قمم الجبال لم تتجاوز شجيراته ومزارعه إلا القليل، كما روى إلى هيئة وكالة الأنباء السعودية (واس) المزارع رداد بن ردة الطلحي، الذي أكد أنه خلال مجريات تطور ورد الطائف وانتشار ثقافة زراعته، تحوّل إلى علامة فارقة في حجم استثماراته في السوق السعودية بأكثر من 64 مليون ريال.
وأشار الطلحي إلى أنه في جبال السروات تجنى وتقطف نحو 550 مليون وردة سنويا، وينتشر في أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي في محافظة الطائف، ويعمل نحو 70 مصنعًا ومعملًا على استخراج وتصنيع أكثر من 80 منتجًا من مشتقاته، التي تجد رواجا واسعا في الأسواق.
وأضاف أنه منذ تاريخ قديم يمر تصنيع وتقطير الورد الطائفي بخطوات أساسية متقدمة، فهو يعتمد على آلية ثابتة ودقيقة، يكون في أولها الورد الذي تحتضنه ترب المزارع، حيث يوضع في قدور نحاسية مختارة لبدء عملية التقطير، لما تسببه هذه القدور النحاسية بالتحديد من ارتفاع جليّ لدرجات الحرارة أكثر من غيرها من المعادن، مما يوفر الوقت والجهد ويحقق مكسبًا أكثر، مشيرًا إلى أن هذه العملية يستخرج منها ثلاثة منتجات، الأول ماء ورد عادي غير مركز، والثاني ماء ورد مركز، أي ماء العروس، والثالث دهن الورد الأغلى عالميا.