ذوبان القارة المتجمدة ،، حتى المناطق المتجمدة في الكوكب وأكثرها برودة لم تسلم من تداعيات التغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض، فالمقاييس المسجلة بالقارة القطبية الجنوبية في السنوات القليلة الماضية كانت قياسية، وتجاوزت في بعض المناطق حاجز 20 درجة مئوية لأول مرة، وعانت هذه المنطقة الشاسعة البعيدة عن الأعين في صمت لفترة طويلة، مقارنة بالقطب الشمالي القريب من أوروبا، قبل أن تصل التحذيرات من أن الوضع في طريقه ليخرج عن السيطرة.
ذوبان القارة المتجمدة
وتشير توقعات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، بأن درجات الحرارة في القطب المتجمد الجنوبي أو المسمى “أنتاركتيكا”، قد ارتفعت بنحو 3 درجات مئوية خلال الخمسين سنة الماضية. وهو ما تسبب في ذوبان الجليد، وتراجع طول الأنهار الجليدية، مما انعكس سلبا على التنوع البيولوجي في هذه المنطقة المنسية، وأدى إلى ارتفاع مستوى مياه البحار والمحيطات.
وتشير آخر الدراسات العلمية المبنية على صور الأقمار الصناعية، إلى أن الجليد البحري في المنطقة القطبية الجنوبية وصل إلى أدنى مستوى له في شهر فبراير/ شباط 2023. وحذرت أيضا محاكاة لنماذج المناخ الجديدة نشرتها في الشهر ذاته مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications)، من سرعة ذوبان الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند، إذا استمرت درجات حرارة الأرض في الارتفاع بوتيرتها الحالية.
فكيف يهدد إذن هذا الارتفاع في درجات الحرارة خصائص القارة القطبية الجنوبية؟ وما الانعكاسات السلبية لذوبان الجليد في هذه المنطقة على البحار والمحيطات حول العالم؟ وكيف يؤدي هذا التدهور المناخي إلى اختلال التوازنات الطبيعية في هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة؟ وهل هناك أمل في إنقاذ الغطاء الجليدي بالقارة القطبية الجنوبية من الذوبان وحفظ التنوع البيولوجي؟
كشف ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية عن السرعة المقلقة التي ترتفع بها حرارة كوكب الأرض في السنوات الماضية. ووصل حجم الكتلة الجليدية في شهر شباط/فبراير2023 إلى أدنى مستوى له منذ 44 عاما بحسب وكالة “كوبرنيكوس” للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي. وأضافت الوكالة أنه منذ الشروع في أخذ المقاييس سنة 1979 لم يسجل مستوى أدنى من الجليد في القطب المتجمد الجنوبي كما سجل بداية سنة 2023، فقد تراجعت مساحة الجليد “الأنتاركتيكي” إلى أقل من مليوني كيلومتر مربع للسنة الثانية على التوالي.