تمتاز السياحة في لبنان بالكثير من المعالم السياحية الأثرية والطبيعية الموجودة والممتدة على أراضيها، فضلاً عما تحتويه من ثقافة سياحية ممتدة عبر التاريخ، وقد ساهم العديد من المستشرقين الأوروبين كألأفونس دي لامارتين وإرنست رينان وفيكتور غرين بتسليط الضوء على الثقافة اللبنانية في بلاد الشام وذلك من خلال زياراتهم لهذه الدولة، وتُشكل السياحة في لبنان واحداً من أهم ايرادات الدولة المالية، كما أنها تعتمد بشكل كبير على المغتربين اللبنانيين الذين يعودون لقضاء إجازاتهم داخل أرض الدولة خلال فصل الصيف
السياحة في لبنان
وتتنوع الآثار اللبنانية بشكل يعكس تاريخ العالم القديم والحديث؛ فهي تحتوي على العديد من المعابد الرومانية والمدن الفنيقية والقلاع الصليبية والحمامات العثمانية والمساجد المملوكية والكنائس القديمة، بالإضافة إلى ما تحتويه من معالم طبيعية كالشواطئ الجميلة التي تقع على البحر الأبيض المتوسط بالإضافة إلى الكهوف المكونة من الحجر الجيري، ويُعتبر المطبخ اللبناني واحداً من أشهر المطابخ العالمية، كما تُعد إحدى أكثر الدول العربية التي يُمكن فيها ممارسة الرياضات الشتوية كالتزلج، وذلك من خلال العديد من منتجعات التزلج الجبلية، كما تشتهر لبنان بالحياة المزدهرة والنشطة خلال فترات الليل
يُعتبر قطاع السياحة في لبنان أحد أهم القطاعات الاقتصادية في الدولة وأحد أكثر القطاعات نمواً حيث بلغ معدل نمو هذا القطاع 10% منذ العام 2014م، فهذا القطاع الذي يُعتبر رافداً رئيسياً للدخل ولفرص العمل شكّل في العام 2018م ما نسبته 19.1% من إجمالي الدخل المحلي في لبنان فقد بلغت قيمة إيرادات السياحة في لبنان في هذا العام ما قيمته 10.4 مليار دولار أمريكي، وقد وصل عدد السياح في نهاية العام إلى ما يُقارب 1.9 مليون سائح، ويحتل الأوروبيون النسبة الأكبر من هذا الرقم حيث يُشكلون من نسبته 36 % من مجموع أعداد السياح، يليهم العرب بنسبة تصل إلى 29 %، ويترافق مع هذا العدد الكبير في أعداد السياح كمية كبيرة من الإنفاق المالي الذي يقوم به هؤلاء السياح، فقد بلغت نسبة إنفاق المواطنون السعوديون 14 % من إجمالي نسبة إنفاق السياح في العام 2017م، يليهم الإماراتيون بنسبة 12% ثم الكويتيون بنسبة 7 %، ويحتل قطاع السياحة مكاناً هاماً في حجم الاستثمارات المنوطة به، فقد بلغ حجم الاستثمار في قطاع السياحة 1.3 مليار دولار في العام 2018م، ويُتوقع بأن يزداد حجم هذه الاستثمارات بنسبة 2.7 % على مدار العقد القادم من الزمان، وقد وفر قطاع السياحة في لبنان 144300 وظيفة مباشرة وهو ما يُعادل 6.7% من إجمالي الوظائف المتوفرة في الدولة
تمتاز لبنان بوجود العديد من المعالم السياحية الثقافية والأثرية التي تمتد على أجزاء مختلفة من أراضيها، ومنها أطلال بعلبك؛ حيث تُعتبر آثار مدينة بعلبك اللبنانية واحدة من أهم معالم لبنان التاريخية وكنوزها الأثرية، فمنذ العام 9000 قبل الميلاد كانت بعلبك إحدى الأماكن التي قامت عليها العديد من الحضارات القديمة المختلفة. بالإضافة إلى متحف بيروت الوطني، الذي يُعد مكاناً شاملاً يحتوي على العديد من الآثار التي تُجسد تعاقب الحضارات والموروث الثقافي الكبير لدولة لبنان.
يحتوي لبنان على العديد من مواقع السياحة الطبيعية، ومنها مغارة جعيتا، التي تُعتبر إحدى الكهوف الطبيعية ضمن منطقة كسروان اللبنانية. بالإضافة إلى محمية أرز الشوف التي تمتد على مساحات شاسعة فهي تُغطي ما يُعادل خمسة بالمئة من إجمالي مساحة لبنان، وتحتوي أراضي هذه المحمية الطبيعية التي تبلغ مساحتها حوالي 500كم2 (50,000هكتار) على رُبع غابة الأرز المُتبقية في لبنان. ومن الأماكن الطبيعية الأخرى في لبنان، يعد شلال باتار جورج أحد الأماكن التي يُفضّل زيارتها، إذ يتميّز بما يحيط به من طبيعة خلابة، وإطلالة مثالية
تُعدّ السياحة الريفية بمعناها نقيضاً للسياحة الكلاسيكية التي يقصد فيها الزائر المناطق الحضرية ذات المظاهر العمرانيّة الحديثة والكثافة السكانية العالية، فالسائح من هذا النوع يرغب بالتوجه إلى الأرياف والقرى لتحقيق تجربة تفاعلية حقيقية مع سكانها المحليين، فيُرى السائحون أثناء ممارستهم لهذا النوع من السياحة يخالطون سكان هذه المناطق ويمارسون معهم العديد من النشاطات مثل الزراعة، والحصاد والغناء، وصناعة أطعمتهم التقليدية أحياناً، بالإضافة إلى حضور المهرجانات المحلية وزيارة الأماكن الدينية والمصانع، وركوب الخيل وصيد السمك وغيرها من الأمور.[٨] تمكّن المعنييون في قطاع السياحة الريفية في لبنان من استغلال ما يتمتّع به هذا البلد من مناطق ريفية جذابة تتمثل في المحميات والغابات وبيوت الضيافة الريفية لتحويلها إلى وجهة سياحية بارزة على المستويين الإقليمي والدولي مرتكزين في ذلك على روح المبادرة التي يتمتع بها اللبنانيون، وحسِّ الابتكار والإبداع لديهم، بالإضافة إلى ما يمتلكونه من خبرات متنوعة في تطوير مشاريع السياحة الريفية، فتمثّل ذلك في انتشار أسواق المواد الغذائية والمنتجات التقليدية، وأنشطة السياحة الزراعية والثقافية، وأنشطة التخييم وغيرها من نشاطات فريدة، وهو الأمر الذي أسفر عنه جملة من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي جاءت كنتاج لزيادة النشاط الاستثماري، والبرامج المسؤولة عن تمويل هذا النوع من المبادرات والمشاريع
تمتاز لبنان بامتلاكها لإرث ثقافي ديني متنوع، فقد كانت هذه الدولة على مر الزمان مكاناً لنمو اثنتين من أكبر الديانات وأكثرها انتشاراً في العالم وهما الإسلامية والمسيحية، الأمر الذي انعكس على جعل المجتمع اللبناني غنياً بالمعتقدات الدينية، والتعدد الثقافي،[٩] ومن المعالم الدينية في لبنان؛ كاتدرائية سيدة لبنان، التي تقع على هضبة حريصا التي تطل على خليج جونية، حيث يتم إقامة الشعائر المسيحية الدينية كالصلاة ومراسم الزواج ضمن هذه الكاتدرائية، ويتضاعف أعداد حجاج هذا المكان المُقدس خلال شهر أيار الذي يُعد الشهر المخصص للسيدة مريم العذراء. إضافة إلى المسجد العمري الكبير، الذي تم بناء أجزاء منه على بقايا إحدى القلاع الصليبية، ويعود تاريخ بناء هذا المسجد الموجود في مدينة صيدا إلى نهايات القرن الثالث عشر، وقد شيد العثمانيون مئذنة المسجد في القرن التاسع عشر. ومن العالم الدينية الأخرى في لبنان؛ دير مار مارون عنايا.والجامع الكبير،وغيرها الكثير.
يتّسم لبنان بدفء شتائه، فتعتبر الأشهر الممتدّة بين شهري كانون أوّل وآذار أشهراً دافئة إلى حدٍ ما، حيث تتراوح درجات الحرارة فيها ما بين 10-20 درجة مؤية مما يجعل هذا المكان بيئة مليئة بالتناقضات الجميلة التي تُشجع السائح على زيارة العديد من المعالم التاريخية على طول الساحل وممارسة بعض الرياضات الشتوية دون التعرّض إلى برد الشتاء القارس، فيما يعتبر فصل الربيع وخاصة شهري نيسان وأيّار فرصة رائعة لاكتشاف جمال هذا البلد الطبيعي، حيث يكون فيه الجوُّ أقرب للمثالي مع درجات حرارة تتصاعد إلى 15 درجة مئوية في البيئات الجبلية، وبين 15-25 درجة مئوية في المناطق الساحليَة. بينما توفّر الأشهر الممتدة بين حزيران وأيلول للزائر جواً صيفياً بامتياز، مما يجعل هذا البلد وجهة سياحيّة مميزة، فأجواء الصيف ودرجات الحرارة التي تتراوح بين 20-32 درجة مئوية فيه تحثّ السائحين واللبنانيين على حد سواء على الاتجاه نحو السواحل للاستمتاع بأشعة الشمس وصفاء الأجواء، فيما يستطيع محبّو الأجواء الأقل دفئاً التوجه إلى المناطق الجبلية حيث درجات حرارة تتراوح بين 6-22 درجة مئوية، وبعيداً عن هذا كله يستطيع المسافرون الباحثون عن رحلات رائقة في مزارع التفّاح في الشمال والحمضيات في الجنوب، وتجربة زيارة المعالم التاريخية في أجواء بعيدة عن الحشود التوجه إلى هذا البلد في فصل الخريف لا سيما أثناء شهري تشرين أول وتشرين ثاني حيث درجات حرارة تتراوح بين 5-20 درجة مئوية في المناطق الجبلية و15-28 درجة مئوية في السواحل
يخلق التنَوع البيولوجي الذي اكتسبه لبنان نتيجة لموقعه الجغرافي المتميّز من هذا البلد وجهة سياحية مثالية لمحبي الطبيعة ومظاهرها، فبين أشجار غابات الأرز الشاهقة ورؤوس القمم الجبلية البيضاء، والأنهار العذبة التي تغذيها الثلوج المنصهرة تتنوّع الأنشطة السياحية التي يستطيع السائح ممارستها أثناء إجازته، فزرقة السماء وهوائها المنعش، ودفء مياه البحر الأبيض المتوسط الذي تنعكس عليه الشمس بأشعّتها، والمنتجعات المُقامة على الشواطئ بوفرة تُعتبر مظاهر جذب للزوار، لا سيما أولئك الذين تستهويهم ممارسة بعض الرياضات مثل السباحة والغطس والتزلج على الأمواج، فيما يجد محبّو المغامرة والإثارة في هذا البلد ما يرضي شغفهم من رياضات أخرى مثل: الرماية، وركوب الدرجات الجبليّة، ورياضة القفز في المظلات من ارتفاعات شاهقة