عن عمر ناهز 90 عاما، توفي اليوم الأحد 26 ديسمبر/كانون الأول 2021، كبير أساقفة جنوب أفريقيا ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وأحد أهم المناضلين السابقين من أجل إنهاء سياسة الفصل العنصري.
توتو -الذي اشتهر بتأييده للقضية الفلسطينية- اكتشف الأطباء أواخر التسعينيات إصابته بسرطان البروستاتا ودخل المستشفى عدة مرات في السنوات الأخيرة، للعلاج من التهابات تتصل بعلاجه من السرطان.
حياته
ـ 7 أكتوبر/تشرين الأول 1931: ولد ديزموند مبيلو توتو في مدينة كلاركسدورب بمنطقة ترانسفال في جنوب أفريقيا، حيث يعمل معظم سكان المدينة في مناجم الذهب.
ـ كان توتو مريضًا منذ ولادته، وأدى شلل الأطفال إلى ضمور يده اليمنى، وفي إحدى المناسبات نُقِلَ إلى المستشفى نتيجةً حروق خطيرة.
ـ عام 1936: انتقلت العائلة إلى منطقة تشينغ في جوهانسبرغ، حيث كان والده زكريا زيليلو توتو، يعمل مديرا للمدرسة الميثودية، وكانت الأسرة تعيش في سقيفة بساحة المدرسة.
ـ عام 1941: انتقلت والدة توتو إلى ويتواترسراند للعمل طاهية في معهد إيزنزيليني للمكفوفين غربي جوهانسبرغ، وتبعها توتو إلى المدينة، حيث عاش أولاً مع عمة له في روديبورت ويست قبل أن يحصلوا على منزل لهم في البلدة.
ـ عام 1945: دخل توتو مدرسة جوهانسبرغ بانتو الثانوية، حيث تفوق أكاديميا، وانضم هناك إلى فريق لعبة الركبي بالمدرسة.
ـ عام 1947: أصيب توتو بمرض السل وتم نقله إلى المستشفى في ريتفونتين لمدة 18 شهرًا، حيث قضى معظم وقته في القراءة.
ـ عام 1949: عاد إلى المدرسة وخاض امتحاناته الوطنية أواخر عام 1950، واجتاز الدرجة الثانية بنجاح.
ـ عام 1951: كان توتو يرغب في دراسة الطب وحصل على قبول لدراسة الطب في جامعة ويتواترسراند بمدينة جوهانسبرغ، لكن الإمكانيات المتواضعة لأسرته حالت دون ذلك؛ فغيّر وجهته نحو التدريس.
ـ حصل على منحة حكومية لبدء دورة في كلية بريتوريا بانتو نورمال -وهي معهد لإعداد المعلمين- وتخرج مدرسا ليمارس مهنة والده.
ـ عام 1954: بدأ تدريس اللغة الإنجليزية في مدرسة ماديبان الثانوية.
ـ عام 1955: انتقل إلى مدرسة كروغرسدورب الثانوية، حيث درّس اللغة الإنجليزية والتاريخ.
ـ يونيو/حزيران 1955: تزوج نوماليزو ليا شينكسان (صديقة شقيقته غلوريا) وهي معلمة بمدرسة ابتدائية.
ـ أبريل/نيسان 1956: أنجب طفله الأول تريفور، ثم ابنته الأولى ثانديكا.
رحلة اللاهوت
ـ عام 1957: استقال من وظيفة التدريس، احتجاجا على ضعف التكوين الذي تقدمه المؤسسات التعليمية للسود، وبدأ دراسة اللاهوت ليصبح بعد 4 سنوات قسيسا تابعا للكنيسة الأنجليكانية.
ـ انضم ديزموند توتو إلى الكنيسة، وتأثر كثيرا بالعديد من رجال الدين البيض في جنوب أفريقيا، وعلى وجه الخصوص ذلك المعارض العنيد لنظام الفصل العنصري الأسقف تريفور هادلستون.
ـ عام 1966: حصل على الإجازة في علم اللاهوت وعلم النفس من جامعة “كينغز كولج” بلندن، وعمل لفترة في كنيستين جنوب شرقي إنجلترا.
ـ بعد تخرجه تولى تدريس علم اللاهوت في جامعة “فورت هار” التي كانت في ذلك الوقت الجامعة الوحيدة للسود في جنوب أفريقيا.
ـ عام 1972: عاد مجددا إلى بريطانيا، حيث أصبح نائب رئيس صندوق التعليم الديني التابع للمجلس العالمي للكنائس.
ـ عام 1975: أصبح توتو أول رئيس أسود للكنيسة الأنجليكانية في جوهانسبرغ.
مناهضته للعنصرية
ـ عام 1976: اشتهر توتو بصوته العالي في مناهضة العنصرية وبدأ العالم يتعرف على كفاحه التمييز العنصري مع “أحداث سويتو” التي انفجرت إثر احتجاج السود على قرار سلطات بريتوريا بإلزامية استخدام اللغة “الأفريكانية” في مدارس السود.
ـ أطلق توتو حملة عالمية للمطالبة بمقاطعة نظام بريتوريا اقتصاديا وسحب الاستثمارات الأجنبية للضغط عليها، وظل يؤكد أن ذلك سيجبر النظام على التراجع عن سياسات التمييز العنصري.
ـ بين عامي 1976 و1978: عمل أسقفا في ليسوتو، ومساعدا لأسقف جوهانسبرغ ورئيسا لأبرشية في ضاحية سويتو قبل تعيينه أسقفا لجوهانسبرغ.
ـ عام 1977: أصبح الأمين العام للمجلس الكنائسي في جنوب أفريقيا.
ـ عام 1983: عندما صدر دستور جديد في جنوب أفريقيا لكبح جماح المنظمات المناهضة للعنصرية والتضييق عليها أكثر، عمل مع جميع الأطراف على تشكيل “اللجنة الوطنية” للنضال ضد التغييرات الدستورية.
ـ عام 1984: فاز بجائزة نوبل للسلام حيث اشتهر توتو بتأييده للنضال السلمي، وبقدر معارضته سياسة التمييز العنصري (أبارتهايد) في جنوب أفريقيا كان يرفض الردود الانتقامية للسود ضد هذه السياسة.
ـ مارس/آذار 1988: واصل تصديه الفعال لنظام الفصل العنصري، قائلا “نرفض أن نُعامل كممسحة أرجل تمسح الحكومة أحذيتها عليها”.
ـ عام 1989: رحب توتو بحرارة بالإصلاحات الليبرالية التي أعلن عنها رئيس جنوب أفريقيا فريديريك ويليم دي كليرك (15 أغسطس/آب 1989 ـ 10 مايو/أيار 1994)، وشملت هذه الإصلاحات رفع الحظر المفروض على المؤتمر الوطني الأفريقي وإطلاق سراح نيلسون مانديلا.
ـ أبريل/ نيسان 1989: خلال زيارة لمدينة برمنغهام في إنجلترا، انتقد ما وصفه بـ”بريطانيا ذات الأمتين”، وقال إن السجون البريطانية تعج بالنزلاء السود.
ـ أعلن حظرا على انضمام رجال الدين إلى الأحزاب السياسية، وهو ما رفضته الكنائس الأخرى.
ـ أغسطس/آب 1989: تعرض لتسمم بغاز مسيل للدموع عندما تصدت الشرطة لمجموعة خارجة من كنيسة في بلدة للسود قرب مدينة كيب تاون.
ـ سبتمبر/أيلول 1989: ألقي القبض عليه بعد رفضه ترك مظاهرة محظورة.
ـ عام 1990: حاول التوسط لحل خلافات بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وحركة “إنكاثا” التي كان يتزعمها شيخ الزولو غاتشا بوثيليزي.
جنوب أفريقيا.. لجنة الحقيقة والمصالحة
ـ عام 1995: تولى توتو رئاسة لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا التي شكلها الرئيس الراحل نيلسون مانديلا لجمع الأدلة على جرائم اللاإنسانية واللاأخلاقية في عهد التفرقة العنصرية، على أن تتولى اللجنة تحديد إذا ما كان أولئك الذين اعترفوا بتورطهم في تلك الجرائم يستحقون العفو أم لا.
ـ أغسطس/آب 1998: في نهاية أعمال اللجنة، هاجم توتو قادة جنوب أفريقيا البيض السابقين، وقال إن معظمهم كذبوا على اللجنة، ورغم قبول الحكومة بالتقرير الذي أصدرته اللجنة، فإن كثيرين انتقدوها بزعم أنها لم تحقق الأهداف التي شُكّلت من أجلها.
ـ اتُّهم توتو -على سبيل المثال- بالتساهل مع زوجة مانديلا الأولى ويني التي كانت تواجه تهما خطيرة، بما فيها الضلوع في جرائم قتل، لكنه كان دائم التأثر بآلام ضحايا العنف، وشوهد أكثر من مرة وهو يبكي في أثناء جلسات اللجنة.
ـ عام 2005: أعرب توتو عن ندمه على عدم محاكمة من لم يطلب العفو، وقال إن اللجنة كان عليها محاكمة مقترفي جرائم عهد التمييز العنصري الذين لم يطلبوا العفو أمام اللجنة، واعتبر توتو أن الضحايا لم يتلقوا تعويضات مناسبة، خاصة أن أولئك الذين شهدوا أمام اللجنة تخلوا عن حقهم في المطالبة بتعويضات أمام القضاء.
ـ وجّه توتو انتقادات لحكومة الأغلبية السوداء التي تولت الحكم عقب سقوط نظام الفصل العنصري، وشن هجمات لاذعة على حكومة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي التي كان يقودها الرئيس ثابو إيمبيكي (14 يونيو/حزيران 1999 ـ 24 سبتمبر/أيلول 2008).
ـ ادعى توتو أن حزب المؤتمر الوطني لم يقم بما يكفي من أجل محاربة الفقر وأن قدرا كبيرا من الثروة والسلطة السياسية تتركز في أيدي نخبة سياسية سوداء جديدة.
ـ حث توتو جاكوب زوما (9 مايو/أيار 2009 ـ 14 فبراير/شباط 2018)، الذي وجهت إليه تهم فساد واقتراف اعتداءات جنسية، على التخلي عن سعيه للفوز بمنصب الرئاسة.
ـ كان توتو شديد الانتقاد لحكومة روبرت موغابي (18 أبريل/نيسان 1980 ـ 31 ديسمبر/كانون الأول 1987) في زيمبابوي.
ـ عام 2002: شبه توتو سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين بسياسة التمييز العنصري التي كانت تنتهجها حكومة بريتوريا ضد السود في جنوب أفريقيا، وهو يرى أن العنف الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يولد إلا المزيد من الكراهية والعنف المتبادل.
ـ 16 فبراير/شباط 2004: دعا توتو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الأميركي جورج بوش أن يعتذرا عن شنهما حربا غير أخلاقية في العراق.
ـ 28 يونيو/حزيران 2007: خلال مؤتمر في لندن بمناسبة تدشين مؤسسته في المملكة المتحدة، تساءل توتو عن استخدام ما يسمى “الإرهاب الإسلامي” في وقت لم يذكر فيه قط تعبير “الإرهاب المسيحي”، مشيرا إلى أن ذلك يعني ضمنا أن الإسلام يدعو إلى العنف لكن أحدا لم يتحدث قط عما حدث في أيرلندا الشمالية على أنه “إرهاب مسيحي”.
ـ عام 2010: في زيارته لأيرلندا، حث الدول الغربية على التفكير جديا بتأثيرات خفض المساعدات الخارجية في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي كانت تعصف بالعالم آنذاك.
ـ أبريل/نيسان 2013: فاز بجائزة “تمبلتون” المرموقة، وهي جائزة هدفها تكريم الأحياء “الذين أسهموا بشكل كبير في تأكيد الأبعاد الروحية للحياة”.
ـ يوليو/تموز 2014: أعلن دعمه لمبدأ المساعدة على الانتحار، قائلا إنه “لا ينبغي المحافظة على الحياة بأي ثمن”، وقال -في رأي خالف كثيرا من الزعماء الكنسيين- “إن للبشر الحق في اختيار الموت”.
ـ 27 أغسطس/آب 2014: دعا توتو صندوق “إيه بي بي” (ABP) الهولندي -وهو ثالث أكبر صناديق معاشات التقاعد بالعالم- إلى توجيه ضربة قوية وغير عنيفة من أجل سلام الشرق الأوسط بتصفية استثماراته في 3 بنوك إسرائيلية.
ـ ويضم الصندوق نحو 3 ملايين عضو بهولندا، وبلغت استثماراته 309 مليارات يورو (408 مليارات دولار) حول العالم نهاية 2013، من بينها حيازات قيمتها الإجمالية نحو 51 مليون يورو (67 مليون دولار) في البنوك الإسرائيلية الثلاثة (هابوعليم ولئومي ومزراحي تفحوت).
ـ 1 يناير/كانون الثاني 2021: كتب مقالا في صحيفة “غارديان” (Guardian) البريطانية دعا فيه إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى التوقف عن التستر على سلاح إسرائيل النووي، والتوقف عن ضخ الأموال الضخمة إليها.
ـ توتو قال إنه يجب وقف التستر جنبا إلى جنب وقف منح المبالغ الضخمة لمساعدة دولة ذات سياسات قمعية تجاه الفلسطينيين فـ”يجب أن تنتهي هذه المهزلة”، ويجب على حكومة الولايات المتحدة الالتزام بقوانينها وقطع التمويل عن إسرائيل.