كان ولع عميد الأدب العربي طه حسين بالشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري واضحا وكبيرا، ولذلك كتب عنه أكثر من كتاب، منها "تجديد ذكرى أبي العلاء" وكذلك "صوت أبي العلاء" فضلا عن كتاب "مع أبي العلاء في سجنه"، الذي نواصل القراءة فيه عبر هذا الموضوع لنستكمل ما بدأناه في مقال سابق. طه حسين وخلال الفصول الأربعة الأولى للكتاب ركز حسين على توضيح علاقته بالمعري وإعجابه به، ثم استفاض في الحديث عن الشيخ الذي يشترك معه في الحرمان من نعمة البصر، وكذلك في العبقرية التي ربما لا يختلف عليها من يقرأ للرجلين، مركزا على سجون المعري التي بدأت بالعمى حيث فقد بصره في وقت مبكر من عمره. ومع بداية الفصل الخامس، يؤكد طه حسين أن أبا العلاء كان يستطيع أن يكتفي بسجنيه، وهما العمى والسجن الفلسفي المتمثل في سجن النفس في الجسم، من دون أن يضيف إليهما سجنا ثالثا هو بيته في المعرة الذي لزمه طوال نصف قرن لا يتركه. ويضيف حسين "وما أكثر الفلاسفة الذين عاشوا عيشة فلسفية خالصة لاءموا فيها أحسن الملاءمة بين حياتهم العقلية وحياتهم العملية دون أن يحتاجوا إلى اعتزال الناس ولزوم بيت واحد لا يعدونه! بل إن منهم من قضت عليه فلسفته أن يخالط الناس ليؤثر فيهم ما وجد إلى التأثير فيهم سبيلا". ويقول الكاتب إن المعري اتخذ قرار العزلة بينما كان في بغداد، وأبلغ به سكان المعرة لدى عودته إليها حيث كتب لهم رسالة بذلك يرجو ألا يستقبله أو يزوره أحد منهم، ويوضح أن صاحبه لم يعد من بغداد بقرار العزلة فقط، وإنما أيضا بالحياة الخاصة التي فرضها على نفسه، والتي حالت بينه وبين الزواج والنسل وحرمت عليه أكثر اللذات بل كلها، وحظرت عليه أكل الحيوان وما يخرج منه، وأن يتخذ من اللباس أخشنه وأقساه، ومن الفراش أغلظه وأجفاه.

كان ولع عميد الأدب العربي طه حسين بالشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري واضحا وكبيرا، ولذلك كتب عنه أكثر من كتاب، منها “تجديد ذكرى أبي العلاء” وكذلك “صوت أبي العلاء” فضلا عن كتاب “مع أبي العلاء في سجنه”، الذي نواصل القراءة فيه عبر هذا الموضوع لنستكمل ما بدأناه في مقال سابق.

طه حسين

وخلال الفصول الأربعة الأولى للكتاب ركز حسين على توضيح علاقته بالمعري وإعجابه به، ثم استفاض في الحديث عن الشيخ الذي يشترك معه في الحرمان من نعمة البصر، وكذلك في العبقرية التي ربما لا يختلف عليها من يقرأ للرجلين، مركزا على سجون المعري التي بدأت بالعمى حيث فقد بصره في وقت مبكر من عمره.

ومع بداية الفصل الخامس، يؤكد طه حسين أن أبا العلاء كان يستطيع أن يكتفي بسجنيه، وهما العمى والسجن الفلسفي المتمثل في سجن النفس في الجسم، من دون أن يضيف إليهما سجنا ثالثا هو بيته في المعرة الذي لزمه طوال نصف قرن لا يتركه.

ويضيف حسين “وما أكثر الفلاسفة الذين عاشوا عيشة فلسفية خالصة لاءموا فيها أحسن الملاءمة بين حياتهم العقلية وحياتهم العملية دون أن يحتاجوا إلى اعتزال الناس ولزوم بيت واحد لا يعدونه! بل إن منهم من قضت عليه فلسفته أن يخالط الناس ليؤثر فيهم ما وجد إلى التأثير فيهم سبيلا”.

ويقول الكاتب إن المعري اتخذ قرار العزلة بينما كان في بغداد، وأبلغ به سكان المعرة لدى عودته إليها حيث كتب لهم رسالة بذلك يرجو ألا يستقبله أو يزوره أحد منهم، ويوضح أن صاحبه لم يعد من بغداد بقرار العزلة فقط، وإنما أيضا بالحياة الخاصة التي فرضها على نفسه، والتي حالت بينه وبين الزواج والنسل وحرمت عليه أكثر اللذات بل كلها، وحظرت عليه أكل الحيوان وما يخرج منه، وأن يتخذ من اللباس أخشنه وأقساه، ومن الفراش أغلظه وأجفاه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *